متابعات، نشرة أسبوعية – العدد التّاسع والثمانون / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – الإثنين 23/9/2024  …  

يتضمن العدد التاسع والثمانون من نشرة “مُتابعات” الأسبوعية فقرة عن شهر أيلول 1970 في الأردن، وهي مجازر امتدّت حتى صَيْف سنة 1971، ضد الشعب الفلسطيني في الأردن وسنة 1982 في مخيمات لبنان، وبعض أحداث شهر أيلول على مر السنين، في فلسطين وخارجها، وفقرة عن تمويل الولايات المتحدة للكيان الصهيوني من خلال ضمان الحكومة شراء سندات العدو، بالتوازي مع تكثيف حملة المقاطعة وسحب الإستثمارات، خصوصًا في بلدان أوروبية مثل بريطانيا والنرويج، وفقرة عن تأثير حملة المقاطعة على مبيعات وأرباح بعض الشركات وفقرة عن تآمر قادة الحزب الدّيمقراطي الأمريكي لإزاحة نائبة بسبب انتقادها للكيان الصهيوني وللسياسة الطّبقية للسلطات الأمريكية وفقرة عن دور منظمة الصحة العالمية في إثْراء شركات المختبرات والأدوية العابرة للقارات وفي استغلال أطفال ومواطني البُلدان الفقيرة – بتواطؤ من حكام تلك البلدان – لتجربة أدويتها الجديدة، قبل طَرْحِها في الأسواق، بعنوان “مُساعدات إنسانية”، وفقرة عن الحرب الإقتصادية وعن الإستثمارات الألمانية في الصين والمبادلات التجارية بين البلَدَيْن وفقرة عن حركة رأس المال في قطاع الأغذية المُعبأة (المُغَلَّفَة) حيث ارتفعت عمليات الإندماج والإستحواذ وفقرة عن الحرب الإقتصادية




 

أيلول – بعض وقائع هذا الشّهر:

أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 1981، يوم “الاحتفال بمُثُلِ السَّلام وتعزيزها بين جميع الأمم والشعوب”، وبعد مرور حوالي عِقْدَيْنِ من الزمن ( سنة 1999) حددت الجمعية العامة يوم الواحد والعشرين من أيلول/سبتمبر تاريخا للاحتفال السنوي بالمناسبة “كيوم لوقف إطلاق النار عالميا وعدم العنف من خلال التعليم والتوعية الجماهيرية وللتعاون على التوصل إلى وقف إطلاق النار في العالم كله”، ومن المعروف إن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يتساوى تمثيل جميع الدّول الأعضاء (صوت واحد لكل دولة) لا تُنَفّذ ولا قيمة لها لأن مجلس الأمن الذي يضم عشر ألأعضاء غير قارين (بالتداول) وخمس أعضاء قارّين يتمتعون بحق الإعتراض (النّقْض أو الفِيتُو): الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة التي حطّمت الرقم القياسي للإعتراض، وخصوصًا على القرارات التي تخص الكيان الصهيوني، ولذلك يمكن للجمعية العامة أن تُقرّرَ ما تشاء، مثل “زرع ثقافة السّلام واحترام الحياة وحقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز اللاَّعُنْف من خلال التعليم والحوار والتعاون، والالتزام بالتسوية السلمية للصراعات والتمسك بالحرية والعدالة والديمقراطية والتسامح والتضامن والتعاون والتعددية والتنوع الثقافي والحوار والتفاهم على جميع مستويات المجتمع وبين الأمم…” وفق ما وَرَدَ في قرار 1999، غير إن القوى التي تمتلك المال ( من فِرْط استغلال الكادحين وثروات الشُّعُوب المُضْطَهَدَة) والسلاح تُقَرِّرُ ثم تفرض تنفيذ قراراتها، وفي مقدّمة هذه القوى الولايات المتحدة وربيبتها الكيان الصهيوني، وشُركاؤها أعضاء حلف شمال الأطلسي، وما إلى ذلك، لذا فإن الولايات المتحدة نفّذت انقلابًا عسكريا يوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 1973، في تشيلي لأن رئيسها وبرلمانها المُنتَخَبَيْن ديمقراطيًّا قرّرا تأميم مناجم النّحاس التي تستغلها شركات عابرة للقارات، ذات المنشأ الأمريكي، وتُسيطر مثل هذه الشركات على قطاعات أساسية أخرى، وحاولت الولايات المتحدة جعل نفس اليوم 11 أيلول من سنة 2001 يُغَطِّي على كافة الأحداث الأخرى، لكننا لا ننسى المجزرة التي ارتكبها النظام الأردني ضد الشعب الفلسطيني ومنظماته الفدائية، خلال شهر أيلول/سبتمبر 1970 بدعم مُباشر من الإمبريالية الأمريكية وحلفائها ومن الكيان الصهيوني ومن الأنظمة العربية، وكذلك من مليشيات الإسلام السياسي الباكستانية التي كان يقودها “ضياء الحق” (1924 – 1988) الذي نَفَّذ فيما بعدُ انقلابا عسكريا دَمَوِيًّا في باكستان سنة 1977، وتوفي جمال عبد الناصر يوم الثامن والعشرين من نفس الشهر سنة 1970، وشهد منتصف نفس الشهر سنة 1982 مجازر مُخَيَّمَيْ صبرا وشاتيلا، بإشراف الجيش الصهيوني وتنفيذ مليشيات اليمين المتطرف اللبناني (كان بشير جمَيِّل وسمير جعجع من المُنَفِّذِين والمُشرفين على التنفيذ) كما تم توقيع اتفاقيات الخيانة (كامب ديفيد 1978 وأوسلو 1993) خلال نفس الشهر، وتعمّد أرئيل شارون اقتحام المسجد الأقصى خلال نفس الشهر سنة 2000 مما كان سببا في إطلاق شرارة الإنتفاضة الثانية… وها نحن نعيش مُجدّدًا “أيلول الأسود” الأشدّ دموية، سنة 2024، بدعم مُباشر من الدّول الإمبريالية و مشاركة الأنظمة العربية…    

 

في جبهة الأعداء – تمويل العدوان

أطلق الكيان الصهيوني منذ يوم العاشر من تشرين الأول/اكتوبر 2023 حملة لِبَيْع السّندات ( نوع من الإقتراض، مقابل رهن ممتلكات الدّولة) بقيمة 5,4 مليارات دولارا، مُستحقّة يوم 31 كانون الأول/ديسمبر 2023، تحت عنوان “سندات الشتات” لتمويل العدوان الواسع وحرب الإبادة، وتمثل هذه الدّفعة الأولى من السندات نحو 12% من الدين الحكومي الخارجي للعدو، وفق وكالة رويترز بتاريخ 11 تشرين الأول/اكتوبر 2023، وتجدر الإشارة إلى تشجيع حكومة الولايات المتحدة مؤسسات الدّولة والولايات لشراء هذه السندات، بضمان من الدّولة الإتحادية الأمريكية، بواسطة “شركة التنمية لإسرائيل” وهي الذراع الأميركية لسندات العدو الصهيوني التي يتم شراؤها في الولايات المتحدة من جانب المتضامنين سياسيا معه، وذكرت صحيفة فايننشال تايمز “إن المجالس البلدية المحلية في الولايات المتحدة كانت من بين المشترين الأكثر حماسا للسندات الإسرائيلية “، وباعت شركة “إسرائيل بوندز” -وهي الشركة الرسمية المسؤولة عن الاكتتاب في الديون- بين السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023 ونهاية آذار/مارس 2024، أكثر من 3 مليارات دولار من الديون في مختلف أنحاء العالم، أي 3 أمثال المتوسط السنوي…

لجأ الكيان الصّهيوني إلى بَيْع السّندات – فضلا عن المُساعدات الأمريكية والألمانية الضّخمة – لتمويل العدوان، وجمع نحو ثماني مليارات دولارا، بنهاية شهر شباط/فبراير 2024، من بيع سندات دولية، في أول إصدار في الأسواق العامة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وهو أكبر إصدار دولاري على الإطلاق كذلك لإسرائيل، وتتراوح مدة استحقاق السندات بين خمس سنوات وثلاثين سنة، بحسب وكالة “بلومبرغ” 06 آذار/مارس 2024، وتظل مبادلة العجز الائتماني (تكلفة الحماية من التخلف عن السداد) مرتفعة، ضمن مواطن أخرى في الاقتصاد الإسرائيلي يبقى فيها القلق قائما جراء الحرب، وكانت الحكومات المحلية في الولايات المتحدة من المشترين المتحمسين لهذه السّندات التي يشتريها الأمريكيون المُؤَيِّدُون للعدوان لدعم تمويل وتَسْلِيح الجيش الصهيوني، وتساعد في دعم عجز الميزانية الذي تضخم خلال الحرب إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي حتى شهر نيسان/ابريل 2024، بسبب الإنفاق العسكري، ويندرج الدّعم الحكومي الأمريكي المباشر لشراء السندات الصهيونية ضمن التّأييد غير المشروط للعدوان وسط الدّعوات لسحب الاستثمارات…

أعلنت وزارة المالية الصهيونية تَلَقِّي طلبات على شراء سنداتها بقيمة 38 مليار دولار من قِبَل نحو 400 مستثمر من 36 دولة، وتمكنت من بَيْع سندات دولية تقليدية بقيمة ثَمانِي مليارات دولار بنهاية شهر آذار/مارس 2024،اشتراها المُتَضَامنون سياسيا مع الكيان الصهيوني، وارتفعت حصة السندات من إجمالي إصدارات الدّيُون لتبلغ 3,3 مليارات دولارا خلال شهر أيار 2024،  

ومنذ سنة 2008، أضاف القانون الأمريكي “السندات الإسرائيلية إلى سندات الخزانة الأميركية والديون المدعومة من الوكالات الفدرالية وصناديق سوق المال وغيرها من الأصول منخفضة المخاطر، ولا يسمح بأي سندات حكومية أجنبية أخرى”، ويُعتبر ذلك دعمًا أمريكيًّا غير مسبوق لديون دولة أجنبية، وفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز بتاريخ 27 أيار/مايو 2024، ويخطط الإحتلال لاستدانة 60 مليار دولار سنة 2024، مع تجميد التوظيف الحكومي وزيادة الضرائب، بعد أن تضاعف الإنفاق العسكري تقريبا جراء العدوان الأخير على الشعب الفلسطيني، وانكمش الاقتصاد بنسبة 19,4% سنويا خلال الربع الأخير من سنة 2023… 

كان العدوان الصهيوني فُرْصَةً للمستثمرين لشراء أصول في المشرق العربي، غير إن حملة مقاطعة وسحب الإستثمارات من الكيان الصهيوني تكثّفت، وفي بريطانيا، تتعرض صناديق المعاشات التقاعدية في القطاع العام – التي لديها أموال مرتبطة بمجموعات تزود العدو الصهيوني بالأسلحة – لضغوط شديدة للتخلص من استثماراتها، ورغم التّصريحات التي تدّعي إن تأثير الدّعوات للمقاطعة هامشي فإن الكيان الصهيوني والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وغيرها تُحاربها بقوة، ومُؤَخَّرًا باع أكبر صندوق تقاعد بريطاني في القطاع الخاص (صندوق تقاعد الجامعات البريطاني – يو إس إس) حوالي 102 مليون دولار من أصوله في فلسطين المحتلة، لِيَنْضَمَّ بذلك إلى قائمة المُنْسَحِبِين من فلسطين المحتلّة إثْر ضغوط حملة المُقاطعة وسحب الإستثمارات، وتُقَدَّرُ قيمة صندوق تقاعد الجامعات البريطاني (يو إس إس) بنحو 10,78 مليارات دولار، والذي يضم أكثر من 500 ألف عضو، واضطر إلى خفض حجم  استثماراته في فلسطين المحتلة، بعد ضغوط أعضاء صندوق التقاعد الذين ينقدون سِجِلّ الإحتلال في مجال حقوق الإنسان، وسبق أن أعلنت شركة “كيه إل بي”، خلال شهر حزيران/يونيو 2024 –وهي أكبر شركة خاصة لإدارة المعاشات التقاعدية في النرويج – إنها تخلت عن حصتها بقيمة سبعين مليون دولارا في مجموعة كاتربيلر الصناعية الأميركية، “بسبب المخاطر التي قد تترتب على استخدام معداتها في انتهاك حقوق الإنسان للفلسطينيين”، وسحبت شركة بنسيون -وهي واحدة من أكبر صناديق المعاشات التقاعدية في الدنمارك بأكثر من 800 ألف عضو- جميع استثماراتها من مصارف الإحتلال…

 

في جبهة الأعداء – مُقاطعة

رأس المال عَدُوٌّ بطبيعته، لأنه ينمو بفعل الإستغلال واضطهاد الشُّعُوب، وتزداد العداوة عندما يتَبَجّح الرأسمالي بدعم الكيان الصّهيوني، فيكون جوابنا الدّعوة إلى مُقاطعة منتجات تلك الشركات التي تدعم عَدُوّنا عَلَنًا، وخصوصًا تلك التي تبيع منتجات استهلاكية، يمكن الإستغناء عنها واستبدالها بأخرى، ومن بينها ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي وكارفور وغيرها من الشركات، وأدّت حملة المُقاطعة، بعد السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، إلى تَرَاجُعِ سهم شركة مَقاهي ستاربكس في بورصة نيويورك بأكثر من 31%، بعد انخفاض مبيعاتها العالمية بنسبة 3% واضطر المدير التنفيذي إلى الإستقالة يوم 13 آب/أغسطس 2024، بعد سنة واحدة من تنصيبه، واستغلت إدارة الشركة فرصة انخفاض المبيعات لتسريح نحو 4% من العاملين، من إجمالي خمسين ألف عاملة وعامل، كما تراجعت مبيعات مجموعة ماكدونالدز للأكلات الخفيفة والرّديئة خلال النصف الأول من سنة 2024، وتُرجّح وكالة بلومبيرغ إن الإنخفاض مُرتبط بالمُقاطعة جرّاء دعم بعض الشركات العابرة للقارات للعدوان الصهيوني

 

أمريكا ديمقراطية المال والخداع

كانت النائبة الأفرو-أمريكية “كُورِي بُوش”( 48 سنة) واحدة من الأصوات التقدمية داخل الكونغرس الأمريكي التي تدعم الفقراء وحقوق المرأة والرعاية الصحية والإسكان، وهي من القلائل الذين أدانوا العدوان الصهيوني منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر 2023، ووصفت الإبادة الجماعية ب”عملية تطهير عرقي في غزة”، واعتبرت الكيان الصّهيوني “دولة فصل عنصري” وتطالب بمحاسبتها على “جرائم الحرب”، وشاركت في العديد من المؤتمرات الصحافية لأعضاء الكونغرس “التّقدّميين” ( بالمقاييس الأمريكية للتقدّمية) لتتحدث عن الأبرياء والأطفال والنساء والمدنيين في غزة، وعن المجاعة وتشريد الفلسطينيين بين الأنقاض، وندّدت في مداخلاتها بالدّعم الأمريكي للكيان الصّهيوني…

لهذه الأسباب، وبسبب أصلها الطّبقي المتواضع (كانت مُمرّضة وواحدة من قادة إضرابات قطاع الرعاية الصّحّية، قبل أن تُصبح نائبة) أنفقت منظمة “أيباك” المنظمة الصهيونية الأمريكية الأكثر نفوذًا في العالم نحو 8,5 ملايين دولار لتشويه صورة كوري بوش، ولضمان عدم نجاحها في الإنتخابات التمهيدية الدّاخلية (في الحزب الدّيمقراطي) وهو ثاني أكبر إنفاق في تاريخ الإنتخابات التمهيدية لمجلس النواب في الولايات المتحدة، بعد الإنفاق الضّخم لنفس المنظمة (آيباك) لإسقاط النائب جمال بومان في منطقة برونكس (نيويورك)، وبذلك نجحت “أيباك” في إزاحة كوري بوش، وترشيح “ويسلي بيل” الذي كان مدعومًا من قِبَل كافة المجموعات الصهيونية، وتفاخرت “آيباك” على صفحتها بالشبكة الإلكترونية بتشويه صورة كوري بوش والإطاحة بها وترشيح منافسها الصهيوني، وبعد خسارتها، أكّدت “كوري بوش”  وعقب خسارتها، أكدت كوري بوش استمرار دعمها لفلسطين، والتنديد بمجموعات الضّغط الصهيونية، وعلى رأسها “آيباك” التي يُصرّح قادتها عَلَنًا: “إن الموقف المؤيد لإسرائيل يمثل الموقف الجَيّد” وكانت “آيباك” قد أرسلت إلى النواب والمنتخبين في الولايات والبلديات الأمريكية رسائل إلكترونية وهاتفية تُهدّدهم بأن انتقادهم لإسرائيل، حتى أثناء الإبادة الجماعية، قد يؤدي إلى نهاية حياتهم السياسية والمهنية.

لم تكن السياسة الخارجية من اهتمامات “كوري بوش”، بل كانت مهتمة بالرعاية الصحية وبحقوق النساء والأطفال والمُشردين، ومنذ العدوان الصهيوني في تشرين الأول/اكتوبر 2023، أصبحت تُندّد بالقصف الصهيوني للمدنيين في غزة، وكانت واحدة من تسعة نواب فقط عارضوا قرار دعم الولايات المتحدة للكيان الصهيوني عسكريا وماليا وطالبوا بوقف شحنات الأسلحة، ومن ضمن النواب الذين قاطعوا خطاب المجرم نتن ياهو أمام نواب الكونغرس ووصفته بمجرم الحرب… 

أصبحت كوري بوش في مواجهة ” لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية” (آيباك) بسبب مواقفها التقدّمية مع الفُقراء في الدّاخل والمُضْطَهَدِين في الخارج، واعتبر جوزيف بايدن ( الذي أعلن مرات عديدة إنه صهيوني ويفتخر بذاك) تصريحات كوري بوش “مثيرةً للانقسام وللفتنة” وأعلن سكرتير البيت الأبيض “هذا النوع من الخطاب ( تصريحات كوري بوش) مثير للجدل ومثير للانقسام وغير مفيد على الإطلاق… لا يمكننا أن نسمح بهذا النوع من اللغة التحريضية والمثيرة للانقسام في خطابنا السياسي…” وهذا دليل على مُشاركة الرئيس وحزبه “الدّيمقراطي” في إزاحة نائبة من نفس الحزب، لأن موقفها مُناصر للفُقراء وللمٌضْطَهَدِين…

 

بزنس الصّحّة

منظمة الصحة العالمية ترفع مؤشرات أسهم شركات الأدوية

تنفرد شركة المختبرات والأدوية بافاريان نورديك، بتصنيع وتسويق اللقاح الوحيد المعتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية (EMA) ومنظمة الصحة العالمية ضد الجدري، ويباع اللقاح تحت الأسماء التجارية Jynneos و Imvamune و Imvanex، ولذلك أعلنت الشركة، يوم الخميس 15 آب/أغسطس 2024، فور إعلان منظمة الصحة العالمية عن الوباء، زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 10 ملايين جرعة بحلول عام 2025 لتلبية الطلب المتزايد على اللقاحات، وأدّى الإعلان فَوْرًا إلى ارتفاع أسهمها بنسبة 17% في بورصة كوبنهاغن ( موطن الشركة)، واستمر ارتفاع سعر الأسهم خلال اليوم التالي (الجمعة 16 آب/أغسطس 2024) ليصل إلى 36%، لأن منظمة الصحة العالمية أعلنت ضرورة رفع إنتاج اللقاح، لكن الطلب على اللّقاح ضعيف في الدّول الغنية، فالوباء منتشر في إفريقيا، قارّة الفُقراء، فيما يبلغ سعر اللقاح  حوالي 100 دولار للجرعة الواحدة، ويكمن الحلّ في تكليف الجمعيات الخيرية والمنظمات “غير الحكومية” بجمع التمويلات، ومن بينها تمويل شركات الأدوية، مقابل إجراء تجارب مجانية في مستشفيات القطاع العام في البلدان ذات الكثافة السكانية، في نيجيريا ومصر والهند والبرازيل وغيرها، وأعلنت هيئة الاستجابة الصحية للطوارئ التابعة للاتحاد الأوروبي (ARSE) إنها طلبت 175400 جرعة “للتبرع” بها للأفارقة أي استخدامها في مواصلة إجراء التجارب، وطلبت شركات الأدوية من وكالة الأدوية الأوروبية إجراء تجربة أخرى من أجل توسيع استخدامه ليشمل المراهقين من سن 12 عاما، بهدف توسيع السوق وزيادة حجم المبيعات…

أطْلقت منظمة الصّحّة العالمية – للمرة الثانية خلال أقل من سنَتَيْن – تحذيرًا صحيًّا دوليًّا بشأن مرض الجدْرِي، كان الأول خلال شهر أيار/مايو 2023، غير إنه تم تسجيل أقل من أربعين ألف حالة في 16 دولة، و 1456 حالة وفاة، بين كانون الثاني/يناير 2022 والخامس عشر من آب/أغسطس 2024، وخلال الفترة نفسها، مات عدة ملايين من الأفارقة بسبب سوء التغذية والأمراض البسيطة بسبب نقص الرعاية، ويموت كل يوم 25 ألف شخص بسبب الجوع والأسباب المرتبطة به، أي ما يقرب من 10 ملايين شخص سنويا، ولذلك يمكن التّأكيد إن منظمة الصحة العالمية أصبحت أداة في خدمة شركات العقاقير والمختبرات العابرة للقارات، بغطاء أُمَمِي، لأن الجوع هو الوباء الحقيقي، وهو أحيانًا ليس نتيجة الجفاف أو الفيضانات وإنما نتيجة الحُروب العدوانية والحصار وحظْر دخول الأدوية والغذاء، كما الحال في كوبا منذ أكثر من ستة عُقُود وفلسطين، وخصوصًا غزة… 

 

الحرب الإقتصادية

كانت الشركات الأمريكية والأوروبية واليابانية تُسيطر على مجال التكنولوجيا والإلكترونيات، حتى نهاية القرن العشرين، ولما بدأ الإنتاج الصيني ( الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والحواسيب والهواتف وقطع غيار الطّيران…) يغزو الأسواق في بداية القرن الواحد والعشرين، كحصيلة لمخطط التفوق التكنولوجي في إطار مبادرة “صُنِعَ في الصّين 2025″، ادّعت الولايات المتحدة “إن السيطرة الصينية المتزايدة على قطاع الإلكترونيات تهدد الاقتصاد الأميركي، وتُشكّل مخاطر كبيرة على الأمن القومي الأمريكي” وفق وكالة رويترز بتاريخ 13 آب/أغسطس 2024…

بدأت الصين منذ سنة 2013، كردّ عَمَلِي على قرارات باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون بمحاصرة الصين،  ضخّ الدّعم الحكومي لصالح شركات التكنولوجيا مما سمح بتفوق الشركات الصينية على شركات اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وبزيادة حصتها في سوق شاشات عرض البلور السائل (إل سي دي المُستخدمة في أجهزة الحواسيب والهواتف والتلفاز والمعدّات العسكرية…) من 13% سنة 2016 إلى 45% سنة 2023، وأدّى ارتفاع حجم المبيعات إلى خفض أسعار مُنتجات الشركات الصينية وإلى تراجع التصنيع الأمريكي وإلى فقدان الوظائف، فيما تمكّنت الشركات الصينية من تحقيق تقدم هام في تكنولوجيا أشباه الموصلات وتَجَاوُزِ بعض العراقيل

من جهتها دعت حكومة الولايات المتحدة حُلفاءها في حلف شمال الأطلسي واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وغيرها، إلى “التصدي للتهديد الصيني وإقرار إستراتيجية مُشتركة تشمل السياسة الاقتصادية والابتكار وإجراءات الأمن القومي لضمان التفوق التكنولوجي الأمريكي”…

تضرّرت مصالح بعض الدّول الحليفة للإمبريالية الأمريكية بسبب تطبيق القرارات الأمريكية غير الصّائبة، وكانت ألمانيا أكبر متضرر من انقطاع تدفق الغاز الرّوسي، غير إن بعض الشركات الألمانية تجاهلت أوامر حلف شمال الأطلسي (في المجال الإقتصادي) فارتفعت الاستثمارات الألمانية المباشرة في الصين سنة 2024، من 2,48 مليار يورو خلال الربع الأول إلى 4,8 مليار يورو خلال الربع الثاني من سنة 2024، وارتفع حجم استثمارات الشركات الألمانية في الصين، بنسبة 10% خلال النصف الأول من سنة 2024 مقارنة بنفس الفترة من سنة 2023 وفق موقع صحيفة فاينانشال تايمز، اعتمادًا على بيانات المصرف المركزي الألماني، وارتفعت من 6,5 مليارات يورو خلال سنة 2023 بكاملها إلى 7,3 خلال النصف الأول من سنة 2024 وتأتي شركات صناعة السيارات في مقدّمة المستثمرين، رغم تحذيرات حكومة أولاف شولتس ودعوات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين إلى “تقليص المخاطر” وعدم الإستثمار في الصّين، غير إن الشركات الألمانية حققت أرباحًا في الصين بقيمة حوالي عشرين مليار يورو سنة 2023، أعادت استثمار نصفها تقريبا في الصين، حيث تتزود بالعديد من المدخلات والمواد الخام الأساسية اللازمة للإنتاج ومن المواد الكيميائية والخلايا الشمسية وبطاريات السيارات الكهربائية…

شكلت الاستثمارات الألمانية أكثر من 50% من استثمارات الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة في الصين، طيلة السنوات الخمس الماضية، بفعل استثمارات شركات صناعة السيارات الألمانية، وتعتزم شركة فولكس فاغن و شركة بي إم دبليو استثمار 2,5 مليار يورو لكل منهما في الصّين بفعل انخفاض تكلفة الإنتاج في هذا البلد…

كانت الصين منذ العام 2015 الشريك التجاري الأكبر والأهم لألمانيا، لكن انخفضت المبادلات التجارية بينهما، لتبلغ 122 مليار يورو خلال النصف الأول من سنة 2024، وأصبحت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لألمانيا بنحو 127 مليار يورو خلال النصف الأول من سنة 2024، وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء الألماني.

 

استحواذ

استحوذت شركة “مارس” العملاقة للأغذية المعبأة – من بينها علاماتها التجارية للحلوى إم آند إمز وسنيكرز – سنة 2008 على شركة ريجلي مقابل 23 مليار دولار، وأعلنت يوم الأربعاء 14 آب/أغسطس 2024، إنها ستشتري شركة كيلانوفا المُصَنِّعَة لمنتجات “برينغلز” بقيمة 36 مليار دولار تقريبًا في أكبر صفقة في قطاع الأغذية المعبأة، وتهدف عملية الإستحواذ توسيع منصة الوجبات الخفيفة الخاصة بشركة “مارس” لترتفع حصتها إلى حوالي 8,5 من السوق الأمريكية للأغذية الخفيفة والمُعبّأة، وارتفعت أسهُم شركة مارس بنحو 8% عند انتشار الخبر، ويشهد قطاع الأغذية المعبأة في الولايات المتحدة صفقات كبيرة حيث تسعى الشركات إلى زيادة حجم أعمالها لمواجهة تأثير انخفاض المبيعات وخوفًا من تحول المستهلكين إلى العلامات التجارية الأرخص بسبب ارتفاع الأسعار…  

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

أربعة عشر − اثنا عشر =