التصعيد في لبنان.. لتغيير الشرق الأوسط؟ / د. ليلى نقولا




د. ليلى نقولا ( لبنان ) – الثلاثاء 24/9/2024 م …

تصاعدت حدّة الضربات “الاسرائيلية” على لبنان، فقامت “اسرائيل” بعدوان غير مسبوق على لبنان عبر تفجير أجهزة البايجر واللاسلكي ثم اغتيال قادة الرضوان بقصف في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أدى الى عشرات الشهداء وآلاف الجرحى في أسبوع واحد.
وفي هذا الإطار، وبالتزامن مع التصعيد، قال رئيس الوزراء “الاسرائيلي”؛ بنيامين نتنياهو، إنهم يسعون لتغيير خريطة الشرق الاوسط.

الواضح أن هذا التصعيد الكبير متفق عليه بين الأميركيين و”الاسرائيليين”، بدليل أن موقع أكسيوس الأميركي المقرّب من الادارة الأميركية الحالية، نقل عن مسؤولين أميركيين أن الخطة “الاسرائيلية”، وهي “التصعيد من أجل خفض التصعيد” قد تمّ الاتفاق مع الأميركيين حولها، ولكن الأميركيين حذروا من خطورتها، وإنها قد تؤدي الى حرب شاملة.

وفي هذا الإطار يمكن أن نتوقع أن الأميركيين يخططون لهزيمة حزب الله، ومعه هزيمة المحور، وبالتالي تغيير خارطة الشرق الأوسط، وهو الهدف الذي أرادته إدارة جورج بوش عبر التدخل العسكري، ثم إدارة أوباما وترامب، والآن بايدن.

فما هي التوقعات الواقعية حول هذا الهدف؟
1- إضعاف حزب الله:
لا شكّ تبدأ هذه الخطة بإضعاف حزب الله وهزيمته، وذلك عبر أخذ تنازلات من حزب الله بواسطة الضغوط، وإجباره على التراجع الى حدود الليطاني، وسحب السلاح من منطقة جنوب الليطاني، وهذا يعني أنهم يريدون استسلاماً بدون قتال مكلف.
إن استسلام حزب الله للضغوط وقبوله التراجع الى حدود الليطاني، ثم سحب سلاحه الثقيل من منطقة جنوب الليطاني، من المستحيل أن يحصل عبر ضغوط سياسية واقتصادية على لبنان، وتصعيد عسكري تحت حافة الحرب، وذلك لأن الحزب يتمتع بقدرات كبيرة جداً لم يتم استخدامها بعد، بالإضافة الى أن الحزب استمر بمراكمة القدرات للمعركة الكبرى، فلا يمكن أن يتخلى عن تلك القدرات خوفاً من تلك المعركة.
وعليه، إن إطلاق الصواريخ (فادي 1 وفادي 2) من لبنان الى وسط فلسطين المحتلة، وسرعة الحزب في امتصاص الصدمة وتوسيع رقعة الضربات جغرافياً، تقول ان هذا الهدف المشترك الأميركي – “الاسرائيلي” مكلف جداً، وقد يتحوّل الى حرب إقليمية بسرعة.

2- إضعاف المحور:
بدأت الكثير من التحليلات والتصريحات بشنّ حرب نفسية على بيئة الحزب واللبنانيين بأن إيران تخلت عن حزب الله، ونأت بنفسها أو “باعته”.. لا شكّ أن هذه التحليلات قاصرة عن إدراك أهمية الحزب ودوره، والبعد العقائدي لدى المحور. كذلك، من المعروف أن الحزب هو الطرف الأقوى في محور المقاومة، وبالتالي مَن يعتقد بوقوف المحور على الحياد في معركة كبرى كهذه، تعني هزيمة المحور ككل.

وفي هذا الإطار، يمكن مقارنة التطورات اليوم مع وضع سوريا، حيث لم يسمح المحور للأميركيين وحلفائهم باستفراد النظام في سوريا، بل سارع الجميع الى مساندة الرئيس السوري بشار الأسد، وقدموا التضحيات الكبرى، ومن الطبيعي أن يكون الإيرانيون قد تلقوا الاغراءات الكبيرة المتعلقة بملفهم النووي في خضّم الحرب على سوريا، وذلك في عهد إدارة أوباما الذي وقّع الاتفاق النووي مع إيران بدون قدرته على إقناعهم بالتخلي عن سوريا.

3- تغيير الشرق الأوسط
قام نتنياهو بالتصريح كما فعلت كوندوليزا رايس سابقاً خلال حرب تموز 2006؛ أن هذه الحرب مع لبنان هي مسار لتغيير الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار الواسع، تتوسع ايضاً دائرة المتضررين فتضع العامل الروسي بالاعتبار.

عام 2015، وجد الروسي ان الأميركيين وحلفاءهم بصدد قلب المعادلات وتغيير خارطة الشرق الأوسط، وأن ما يقدمه من مساعدة منذ عام 2012، قاصر عن منعهم من تحقيق هذا الهدف، فتدخل عسكرياً بطريقة مباشرة لمنع هزيمة سوريا عسكرياً.

وعليه، كيف يمكن أن يتصرف الروس اليوم في معرض مسار مخطط لتغيير خرائط، وفي ظل حرب غربية عليه في أوكرانيا؟ من الأرجح أن من مصلحة الروس ستكون محاولة استنزاف الأميركيين في الشرق الأوسط، ليخفف الضغط في أوكرانيا، ويجبرهم على تقديم تنازلات هناك.


قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

4 × 1 =