للنائمين العرب…. مخطط تفكيك أوطانكم في مرحلة التطبيق / د. خيام محمد الزعبي
د. خيام محمد الزعبي ( سورية ) – السبت 5/10/2024 م …
إن إعادة ترتيب موازين القوى ورسم خريطة سياسية مختلفة للمنطقة ليس هدفاً إسرائيلياً جديداً، فالذين لم يقرءوا التاريخ يظنون ما صنعته إسرائيل بالدول العربية من إحتلال وتقسيم أمراً مفاجئاً جاء وليد الأحداث التي أنتجته، ولكن الحقيقة الكبرى أنهم نسوا أن ما يحدث الآن هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الإستعماري الذي خططته وصاغته وأعلنته الصهيونية العالمية، لتفتيت العالم العربي وتجزئته وتحويله إلى “فسيفساء ورقية” يكون فيه الكيان الصهيوني السيد المطاع.
وخلال كلمة نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تمحورت حول آفاق وآثار التطبيع والسلام مع الدول العربية، ودوره في تغيير الشرق الأوسط، أظهر خريطة شملت الشرق الأوسط الجديد، الخريطة التي ظهر جزء منها باللون الأخضر الداكن، وهي تعبر عن الدول التي تربطها اتفاقات سلام مع إسرائيل ، وضمت المناطق المكسية باللون الأخضر دول مصر والسودان والإمارات والسعودية والبحرين والأردن، ولم تشمل الخريطة أي ذكر لوجود دولة فلسطينية، حيث طغى اللون الأزرق، الذي يحمل كلمة إسرائيل، على خريطة الضفة الغربية المحتلة كاملةً، بما فيها قطاع غزة.
فالمتتبع لتاريخ المنطقة يستطيع أن يرصد الأزمات المفتعلة، حيث جعلت الدول الإستعمارية منطقة الشرق الأوسط منطقة تعيش الحروب والأزمات، إذ مثلت الحالة العراقية مقدمة ثمار المشروع الصهيوني من خلال الاحتلال الأنجلو الأمريكي للعراق فدمروه وسرقوا خيراته ورهنوا مقدراته، أما في ليبيا فنجح الأمريكان والصهاينة من تحويل المنطقة الى حرب عصابات، وتقسيمها الى مناطق عسكرية وجماعات مسلحة، وتسليح كل جماعة على حدا، وتونس فقد عملت على تحريك النزعة الطائفية وتعزيز مشاكل الفقر بين أبناءه، وفلسطين المنكوبة التي قصفتها بدم بارد ، واليمن الذي أشعلت فيه نيران الصراع المذهبي والطائفي، وباكستان التي تتمزق، والصومال التي تتحول من دولة الى شظايا من العصابات والقراصنة ، وتجزئة السودان الى الشمال والجنوب، وما تشهده اليوم سورية العروبة من حرب عدوانية وتفكيك وتقسيم وإضعاف عن طريق تدمير مقدراتها وإضعاف مؤسساتها الاجتماعية والإقتصادية وزعزعة إستقرارها، والى مصر التي تحاول اسرائيل إستنزاف جيشها القوي والمتماسك، ولن يكون فيها منتصر سوى أعداء الوطن الذين يطمحون في إيصال البلاد العربية الى الدمار والخراب من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية.
واليوم تتجه الأنظار الى لبنان والمذابح التي ترتكبها إسرائيل فى الجنوب اللبناني، وتتوارى قضايا كثيرة أمام بشاعة ما يجرى هناك، فقد إعتادت إسرائيل على إرتكاب مجازر جماعية ومذابح ضد الأبرياء والأطفال العزل، حيث يتّخذ الإسرائيليون أشكالاً متعددة لتحقيق أهدافهم، فمن عمليات الإغتيال والتصفية الجسدية إلى المجازر والمذابح الجماعية التي باتت أوسمة تُعلّق على صدور القادة الإسرائيليين وجنوده، فى حين أن هذه القضايا لا تقل أهمية ما يرتبط بها من دلالات خاصة بالأمن العربي ومستقبل خريطة المنطقة ككل
فالمؤسف في واقع حال الأوضاع العربية اليوم، إن الشعوب العربية لم تجد في الانتفاضات الشعبية كل ما كان ترجوه من نتائج وأهداف وآمال لتغيير أوضاعها في الاتجاه السليم، وان بعض هذه الإنتفاضات أصبح مسيّراً من الخارج، بينما تزداد حكومات الدول العربية تباعداً فيما بينها، مما يجعل الحكومات والشعوب ومصائر الأوطان مرهونة عموماً للإرادات الخارجية، وبالتالي ما سعت إليه إسرائيل وغيرها من الدول الاستعمارية هو تعزيز الفرقة والتشتت بين الأقطار العربية وبذلك يعتبر الكيان الصهيوني أكبر تحد يواجه الأمة العربية، فهو ليس اغتصاباً للوطن، بل هو آداه تقطيع لأوصال الوطن العربي وتخريب مستمر لكل طموحاته القومية، كما أن الوجود الإسرائيلي يشكل تهديداً للوجود العربي لأن كل مشاكل هذه الأمة تنبع من مشكلة وجوده الذي يعني استمرار التمزق العربي والاختلال بالأمن فيها.
في هذا السياق، إن إسرائيل عدو للعرب لا تريد لنا الخير ولا تريد لنا أن نكتشف مسالكه ونبني تجاربنا على هذا الأساس العادل لا تريد أمة ذات إعتبار ووزن وثقل لا تريد أن نكون أمة تقرر مصيرها بنفسها لأنه إذا تركتنا نقرر بأنفسنا هذا المصير لن يكون للحاقدين أي حظ في نهب ثرواتنا وتخريب عقولنا وتطويع إرادتنا وبناء حياتهم على خراب حياتنا.
مجملاً… ربما أستطيع القول إنه على العرب أن يعودوا إلى تاريخ الصهيونية العالمية منذ الأزل وحتى اليوم ويروا ويأخذوا العبرة، فالتاريخ شاهد عليهم في كل مكان حلوا فيه، لذلك يجب عليهم أن لا يثقوا بوعود الدول الإستعمارية خصوصاً إنها تكيل بمكيالين ليس في السر كما كان في الماضي بل في العلن وعلى مسامع وسائل الإعلام المختلفة. ومن هنا فأن من مصلحتنا القيام بحراك شعبي عربي وإسلامي لكشف الوجه العنصري والإرهابي القبيح لإسرائيل ومواجهتها، ورفض التفاوض والصلح والتعايش معها والإصرار على زوالها كغدة سرطانية خبيثة في المنطقة العربية.
وفي النهاية هل تستطيع أمة العرب أن تعيد عقارب الساعة إلى مسارها الصحيح بوعي وعقل وثقة ووحدة رأي وكلمة وإستشعار للخطر الذي كشر عن أنيابه والذي يخطط أن يأخذهم واحداً بعد الآخر.