متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الخامس والتّسعون / الطاهر المعز

الطاهر المعز ( تونس ) – السبت 26/10/2024 م …  

يتضمن العدد الخامس والتّسْعون من نشرة “متابعات” الأسبوعية فقرة بعنوان “جرائم صهيونية” وفقرة عن الفقر والبطالة والأُمِّيّة في الوطن العربي، وفقرة عن اقتصاد الأرجنتين المتأزّم، وفقرات عن الرّشاوى التي تُسددها شركات النفط الأمريكية للهيمنة على استخراج النفاط في العالم وتعظيم أرباحها وفقرة عن عسكرة الإقتصاد العالمي وفقرة عن إضرابات عمال الموانئ بأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا) وفقرة عن الحرب التكنولوجية وقُدُرات الصين على البحث والإبتكار.




 

جرائم صهيونية

اعتبرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن قطاع غزة هو المكان الأكثر خطورة على وجه الأرض بالنسبة للأطفال، حيث اضطر مليون طفل للنّزوح، وقَتَل الجيش الصهيوني 17 ألف طفلا خلال سنة واحدة وفقَدَ 26 ألف طفل أحد الوالدَيْن أو كلاهما، وبقي حوالي عشرون ألف طفل بدون رعاية ولا كَفِيل ، خلال الفترة من تشرين الأول/اكتوبر 2023 إلى أيلول/سبتمبر 2024، فضلا عن التدمير المُتَعَمّد والمُمَنْهَج لنظام التعليم الفلسطيني، حيث بقي حوالي 600 ألف طفل خارج المدرسة وفقا لدراسة نشرتها جامعة كامبريدج، ومركز الدراسات اللبنانية، ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أنروا)، لتَتَهَدّد الأُمِّيّة جيلا فلسطينيا كاملا، فضلا عن الإعاقة البدنية والصّدمات النفسية، وقدّرت منظمة يونيسيف إن أكثر من مليون طفل ( أي كافة أطفال غزة ) في حاجة إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، حيث لم يترك العدوان الصهيوني أي طفل سليم، بعد العدوان وسنوات الحصار التي سبقته، وفقًا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر 2024

 

الفقر والبطالة والأُمِّيّة في الوطن العربي

تُشير بيانات البنك العالمي إن حوالي سبعمائة مليون شخص في العالم يعيشون تحت خط الفقر سنة 2023 فيما يواجه نحو 783 مليون شخص شبح الجوع المزمن، وفقاً لبيانات برنامج الأغذية العالمي، في ظل ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم التي وصل مُعدّلها إلى 14% سنة 2022 وإلى أكثر من 8% سنة 2023، وقَدَّرَتْ بيانات “لجنة الأمم المتحدة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا” (إسكوا) بنهاية سنة 2022  عدد الفقراء العرب بنحو 130 مليون أو ما يقارب 30% من العدد الإجمالي لسكان الوطن العربي، مع توقّعات بارتفاع هذه النّسبة إلى 36% سنة 2024، دون احتساب أعداد الفقراء الجدد في فلسطين ولبنان، ويمتلك الوطن العربي أعلى معدّل بطالة عالميا بنسبة 12%، سنة 2022 وبنسبة 11,7% سنة 2023، مع بلوغ معدّل بطالة الشباب حوالي 26,4% سنة 2023، دون احتساب سوريا واليمن وليبيا وفلسطين، وفق وثيقة “مَسْح التّطورات الإقتصادية والإجتماعية في المنطقة العربية” التي تُصْدِرُها “إسكوا” التي تُشير إلى التباينات الكبيرة بين البلدان.

قُدِّرَ العدد الإجمالي للأمّيّين في العالم بنحو 763 مليون سنة 2020، وارتفع عدد الأميين في الوطن العربي من 61 مليون سنة 2016 إلى سبعين مليون سنة 2020، أو أكثر من 9,1% من مجموع الأميين في العالم ويُتوقع أن يرتفع إلى مائة مليون سنة 2030 (دون احتساب فلسطين )، كما بلغت نسبة الأميات من مجموع الأمّيين في الوطن العربي حوالي 62 % سنة 2020، ويُعْتَبَرُ أُمِّيًّا من لا يعرف القراءة والكتابة ممن بلغوا 15 سنة فما فوق.

 أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) تقريرًا ( آب/أغسطس 2024) يسلط الضوء على تأثير الحرب والصراع على التعليم في لبنان وليبيا وفلسطين والسودان وسوريا واليمن، حيث تم تدمير البنية التحتية التعليمية مما رفع عدد المحرومين من التعليم إلى نحو 15 مليون طفل في سن الدراسة (من 5 إلى 14 عاماً) فضلا عن 10 ملايين طفل آخر معرضين لخطر الانقطاع عن التعليم، فيما يعاني أكثر من نصف الأطفال في المنطقة من “فقر التعلم”، إذ لا يستطيعون القراءة أو فهم نص مناسب لأعمارهم بحلول سن العاشرة.

تفاقم الوضع في فلسطين بسبب العدوان الصهيوني واستهداف المعلمين والطلاب والمدارس وتدمير المرافق التعليمية، والقيود على الحركة، والعوائق البيروقراطية، وتسبب العدوان على غزة في حرمان 625 ألف طفل في سن الدراسة من عام دراسي كامل وفق حسب تقرير “يونيسيف” الذي أشار إلى تَعَرُّضِ نحو 93% من مدارس القطاع البالغ عددها 564 لأضرار بالغة ولم يتمكن نحو 40 ألف من أداء امتحانات التوجيهي (الثانوية العامّة)، كما لم يتمكن أكثر من 21 ألف معلم من العمل بسبب انعدام الأمن ونقص الأماكن التعليمية الآمنة، ويشير التقرير أن جميع أطفال غزة البالغ عددهم 1,2 مليون طفل يحتاجون إلى “دعم عاجل على صعيد الصحة النفسية، وإلى الدعم النفسي الاجتماعي”.

 قدرت بيانات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو – أيلول/سبتمبر 2023) أن أكثر من  250 مليون طفل حول العالم محرومون من خدمات التعليم لظروف مختلفة، وقدّرت عدد الأطفال العرب المحرومين من التعليم في الوطن العربي بنحو 15 مليون طفل وقد أن يصل العدد إلى عشرين مليون طفل سنة 2030، دون مراعاة اندلاع المزيد من الحروب بالمنطقة ( فلسطين والسودان وسوريا واليمن وليبيا ولبنان…) أو الفقر الذي يُجْبِرُ ملايين الأطفال على الإنقطاع عن المدارس لخدمة أسرهم أو العمل بسبب ارتفاع الأسعار، ولا يقتصر تسرب الأطفال والمراهقين من المدارس على هذه البلدان التي تعاني من الحروب، بل يُقدّر عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس الجزائر بنحو مليونَيْن ( دراسة جامعية مَحَلِّيّة نُشرت سنة 2022)، وفي تونس “يغادر المدرسة مائة ألف تلميذ سنوياً نصفهم لا يتمُّ مرحلة التعليم الأساسي”، وفق أُطْرُوحة الدّكتور بسّام عبيدة بعنوان “التسرب المدرس في المرحلة الإعدادية بتونس” – آذار/مارس 2021، وتُشير دراسات أخرى إلى وجود أكثر من مليون مراهق خارج المدارس التونسية، شكلوا فئة “هشة يصعب دمجها في المجتمع مهنياً”

 

في جبهة الأعداء

بينما كان جيش العدو الصهيوني يقصف مَقرّات الأمم المتحدة في لبنان وفلسطين، اعلنت وزارة الحرب الأمريكية، يوم الأحد 13 تشرين الأول/اكتوبر 2024، إرسال قوات أميركية إلى فلسطين المحتلة وجوارها، مع منظومة “ثاد” المتطورة المضادّة للصواريخ، مما قد يُشكّل بداية التّحضيرات لتوسيع نطاق العدوان الصهيوني/الأمريكي على شعوب المنطقة، حيث يُعتَبَرُ نشر قوات عسكرية أميركية في فلسطين المحتلة أمرًا نادرًا خارج التدريبات، لأن الولايات المتحدة مَكّنت الجيش الصّهيوني من التّفوق على جيوش المنطقة مجتمعة، ومن اكتساب تجهيزات وقدرات تَدْمِيرِيّة استثنائية، غبر إن القوات الأمريكية متواجدة في البحر الأبيض المتوسط وفي البحر الأحمر والخليج وفي إحدى عشر قاعدة في دويلات الخليج، فضلا عن القواعد في الأردن وسوريا والعراق وقواعد حلف شمال الأطلسي في تركيا، وساهمت القوات الأمريكية والسفن الحربية والطائرات المقاتلة مباشرة في الحرب العدوانية الصهيونية عبر “المُستشارين والخُبراء العسكريين ” وتبادل المعلومات الإستخباراتية وقصف غزة واليمن وسوريا ولبنان، وعبر اعتراض الصواريخ والطائرات الآلية ( بمشاركة جيوش الأنظمة العربية العميلة) وقال الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن “إن هذه الخطوة تهدف إلى الدفاع عن إسرائيل”، ووصف المتحدث باسم البنتاغون عملية نشر الصواريخ الأمريكية المتطورة ( من بينها منظومة “ثاد” ) بأنها جزء من “التعديلات الأوسع التي أجراها الجيش الأميركي في الأشهر الأخيرة لدعم إسرائيل والدفاع عن الأفراد الأميركيين من هجمات إيران والجماعات المدعومة من إيران”.

تجدر الإشارة إن نظام الدفاع الصاروخي للمناطق المرتفعة الطرفية، أو “ثاد” (THAAD ) ، يُشكّل جزءاً أساسياً من أنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات للجيش الأميركي، وأصبح جزءًا من أنظمة دفاع الجيش الصهيوني المُضادّة للصواريخ، وتتطلب بطارية ثاد عادة حوالي 100 جندي لتشغيلها، وهي تحتوي على ستة منصات إطلاق محمولة على شاحنات، مع ثمانية صواريخ اعتراضية على كل منصة، ورادار متطور…

علّق وزير الخارجية الإيراني على هذه الخطوات الأمريكية – المُعادية لإيران كذلك – “إن الولايات المتحدة تعرض حياة جنودها للخطر من خلال نشرهم لتشغيل أنظمة الصواريخ الأمريكية في إسرائيل“.

تقوم شركة لوكهيد مارتن، أكبر شركة لصناعة الأسلحة في الولايات المتحدة، ببناء ودمج نظام ثاد، المصمم لإسقاط الصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة ومتوسطة المدى، وتقوم شركة رايثيون، تحت إشراف شركة آر تي إكس، ببناء رادارها المتقدم، وأعلنت وزارة الحرب الأمريكية إنها أرسلت ضباطًا وخبراء ومُدرّبين عسكريين لمساعدة الجيش الصهيوني على تشغيل واستخدام منظومة “ثاد” التي تم نشرها منذ سنة 2019، في جنوب فلسطين، وفق ما ورَدَ في برقية لوكالة “رويترز” بتاريخ  14 تشرين الأول/اكتوبر 2024

 

الأرجنتين

تتراوح نسبة الفقر خلال النصف الأول من سنة 2024، بين 53% و 55,5% ( بحسب اختلاف المصادر) من العدد الإجمالي للسكان البالغ عددهم نحو 47 مليون نسمة، ومهما اختلفت المصادر فإن أكثر من نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر الفقر، مقارنة بـ 41,7% خلال النصف الثاني من سنة 2023، من بينهم 17,5 من سكان البلاد في حالة فقر مدقع وعوز، وفقا لبيانات الجامعة الكاثوليكية وللأرقام الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء  (Indec)، المنشورة يوم 27 أيلول/سبتمبر 2024، ويُعزى ارتفاع نسبة الفقر المدْقَع إلى سياسة التّقشّف التي أقرتها حكومة الرئيس اليميني المتطرف “خافيير ميللِّي”، ويُقاس خط الفقر وفق المعهد الوطني للإحصاء (Indec باستخدام سلة من السلع والخدمات الأساسية بقيمة 237000 بيزو (حوالي 240 دولارًا أمريكيًا)، ويُعتبر الشخص الذي يكسب أقل من 132 دولارا في حالة فقر مدقع أو عوز، وتجدر الإشارة إلى انخفاض قيمة العُملة المحلّية، البيزو الأرجنتيني، بأكثر من 50% مقابل الدولار الأميركي بنهاية سنة 2023، في حين انخفض الإنفاق العام بشكل كبير، لخفض عجز الميزانية، وخفض التضخم، لكن تسبب ذلك في ركود عميق (-3,5% مُتَوقّعة بنهاية سنة 2024 ) وأدّى الرّكود إلى تراجع النشاط الإقتصادي وإلى فقدان آلاف الوظائف، ما يزيد من نسبة البطالة والفقر المدقع الذي أصاب نحو 20% من الأطفال وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) بنهاية 2023، وتشير جميع المؤشرات الاقتصادية إلى التأثير السّلبي لإجراءات التقشف التي اتخذها ميلي، مع انخفاض معدلات التوظيف والاستهلاك بالإضافة إلى التضخم السنوي الذي يتجاوز 200% ومن الإجراءات المناهضة للفُقراء، جمدت حكومة الرئيس خافيير ميلي توزيع آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية التابعة لمطابخ الحساء التي تقدم الطعام المجاني للفقراء، قبل أن يأمُر القضاء بالإفراج عن هذه المساعدات الغذائية “فورا” وتنظيم عملية توزيع سريعة…

 

شركات النفط الأميركية الكبرى، بُؤْرة فساد ورشوة 

أوردت وكالة رويترز يوم الثلاثين من أيلول/سبتمبر 2024 إن الشركات النفطية الأمريكية الكُبْرى (شيفرون وكونكو-فيليبس وإكسون موبيل) دفعت أكثر من 42 مليار دولار لحكومات أجنبية سنة 2023 – رغم ارتفاع الإنتاج الأمريكي للمحروقات – وهو ما يزيد بنحو ثمانية ما دفعته في الولايات المتحدة، وفقا لإيداعات تنظيمية تُجْبِر الشركات على نشر هذه البيانات بموجب متطلبات لجنة الأوراق المالية والبورصة الجديدة التي تم إقرارها بعد سنوات عديدة من ضَغْط دعاة الشفافية “لتسليط الضوء على المعاملات المالية الأجنبية لشركات النفط الكبرى في سعيها للحصول على النفط من الخارج رغم ارتفاع إنتاج النفط (والغاز) الأمريكي حيث أصبحت الولايات المتحدة، خلال السنوات الأخيرة، أكبر منتج عالمي للنفط والغاز، بفضل طفرة الإنتاج في حوض بيرميان الضخم في تكساس ونيو مكسيكو الذي دَمَّرَ البيئة وعَيْش السّكّان في تلك المنطقة، وفق المنظمة الدّولية المدافعة عن سلامة البيئة (EarthRights International) وأشارت تفاصيل الرّشاوى لسنة 2023 إن عدة حكومات استفادت من رشاوى هذه الشركات ( خصوصًا إكسون موبيل) في آسيا وأستراليا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، وكذلك حُكّام بعض الولايات الأمريكية. أما عن سِرّ الإصرار على نشر هذه البيانات فيكمن في المطالبة بتسديد الرّشاوى والضرائب على أرباح الشركات الكبرى في الولايات المتحدة، وليس في الخارج. 

 

عَسْكَرَة الإقتصاد الرأسمالي

تضم الدّول الإمبريالية مجتمعة (أو ما يُسَمّى “الغرب” بما في ذلك أستراليا واليابان وغيرهما) نحو 15% من سكان العالم، وتستحوذ على ثروات شعوب العالم وعلى مسالك التجارة والتحويلات المالية الدّولية وما إلى ذلك من أسباب الإزدهار الإقتصادي والتكنولوجي، ولم تبدأ هذه الهيمنة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ( ازدهار عصر الإمبريالية) بل مع غزو أمريكا وإبادة الشّعوب الأصلية، ومع العبودية، واستعمار البلدان بشكل مباشر ثم الإستعمار الجديد أو الإستعمار غير العسكري المباشر، مما يُقَوِّض مبادئ “حق الشعوب في تقرير مصيرها” أو سيادة الشُّعُوب على أوطانها وثرواتها، ولم تَتَخَلّ الدّول الإمبريالية عن عَسْكَرة العلاقات الدّولية خلال فترة الإستعمار الجديد، بل ارتفع الإنفاق العسكري إلى مستويات قياسية، وأنشأت الولايات المتحدة حلف شمال الأطلسي، وهو تحالف لا يخضع لأرْكان ما يُسمّى “القانون الدولي”، أي إنه غير قانوني وفق مبادئ الأمم المتحدة، ومع ذلك نَفّذت الولايات المتحدة – التي تقود حلف الناتو – ما لا يقل عن ستّين حربًا عدوانيةً منذ تأسيس حلف شمال الأطلسي، معظمها دون استشارة الأمم المتحدة التي تضم 193 دولة ولا الدّول غير المنتمية لحلف شمال الأطلسي أو لمجموعة السّبع أو الإتحاد الأوروبي والتي تضم نحو 85% من سكان العالم، ولا تتم استشارة هذه الدّول لأن مالكي القوة العسكرية يُقرّرون ويُهدّدون من يعتبرونه مُعَرْقلاً لمخططاتهم، غير إن التاريخ يُعلّمنا إنه لا يمكن إجبار الشّعوب على الرّضوخ، دون تحقيق العدالة بين شعوب العالم، وإن الشّعوب لا تتوقف عن النضال من أجل العدالة وعن مقاومة الإحتلال والإستعمار الإستيطاني، وهو ما يحدث في فلسطين وفي أرخبيل كاناكي وفي إيرلندا وغيرها، وما حلف شمال الأطلسي سوى أداة عسكرية لإنجاز مخططات الهيمنة الإمبريالية، لذا وجب حل النّتو والمنظمات المماثلة التي تقرر مصير الشعوب مثل المنتدى الإقتصادي العالمي وصندوق النقد والبنك العالمي ومجموعة بيلدربيرغ ومجموع العشرين ومجموعة السّبع وغيرها

 

الولايات المتحدة – إضراب عمال الموانئ

قبل خمسة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية، أَضْرَبَ نحو 47 ألف من عُمّال الموانئ في الساحل الشرقي المُنْتَسِبِين إلى نقابة الرابطة الدولية لعمال الشحن والتفريغ ( ILA )  التي تضم حوالي 85 ألف من عمال الموانئ بالولايات المتحدة، إضرابًا بكافة موانئ الساحل الشرقي والخليج ( 36 مرفأً) التي أُصيبت بالشّلَل بين ولاية ماين (شمال شرق) وتكساس (جنوب) من أجل تجديد عقد العمل الجماعي، مع زيادة كبيرة في الأجور بأكثر من خمسين بالمائة والالتزام بوقف مشاريع أتمتة الموانئ التي سوف تؤدي إلى القضاء على الوظائف، وتحسين ظروف الحماية الإجتماعية، وهو أكبر إضراب بالساحل الأمريكي منذ حوالي نصف قَرْن، وتمكن المضربون من قطع تدفق الواردات والصادرات من الولايات المتحدة، مما قد يخفض الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بمقدار 4,5 إلى 7,5 مليار دولار كل أسبوع، ومن المتوقع أن يكلف الأسبوع الأول من الإضراب 2,1 مليار دولار، منها 1,5 مليار دولار من البضائع التي يصيبها التَّلَف…

في اليوم الثالث للإضراب، أكّدت وكالة رويترز، يوم الثالث من تشرين الأول/اكتوبر 2024، إن ما لا يقل عن 45 سفينة حاويات لم تتمكن من تفريغ حمولتها وبقيت عالقة خارج الموانئ الرئيسية الأمريكية، وتوقّعت الوكالة تضَاعُفَ عدد السفن العالقة إذا ما استمر الإضراب 48 ساعة أخرى، مما جعل البيت الأبيض يطلب من أرباب العمل تحسين العَرْض الذي قَدَّمُوه لزيادة الرواتب، لتفادي نقص السلع، من الموز إلى قطع غيار السيارات، وقد يستغرق الخروج من الازدحام الناتج عن الإضراب، عدة أسابيع…

في كندا، أعلنت إدارة ميناء “مونتريال” يوم الثالث من تشرين الأول/اكتوبر 2024، انتهاء الإضراب الجُزْئي والمحدود لعُمّال الميناء الذي استمر ثلاثة أيام، كما كان مُقرّرًا وأدى إلى إغلاق مَحَطَّتَيْ حركة الحاويات “فياو” و “مايزونوف”، اللتين تمثلان نحو 40% من حركة الحاويات في الميناء، وسوف تُتَرْجَمُ نتائج الإضراب إلى تأخير استلام البضائع أو تسليمها وعمليات استيراد أو تصدير البضائع طيلة الأسابيع المقبلة، بينما ظَلّت المحادثات بين صاحب العمل والنقابات في طريق مسدود بشأن الأجور.

أعلن ناطق باسم نقابة العمال وآخر باسم الشّركة المُشغّلة للميناء، التوصّل يوم الخميس الثالث من تشرين الأول/اكتوبر 2023، قبل نهاية اليوم الثالث للإضراب إلى اتفاق يقضي زيادة الأجور بنسبة 62% على مدى ست سنوات، وكانت النقابة تُطالب ب77% انطلاقًا من الحجم الضّخم لأرباح شركات إدارة الموانئ ومن ارتفاع تكاليف السكن والمعيشة والدّواء وتعليم الأبناء وما إلى ذلك، وينهي الاتفاق أكبر توقف للعمل من نوعه منذ ما يقرب من نصف قرن، وسيُمَدِّدُ الطّرَفان العقد الرئيسي حتى 15 كانون الثاني/يناير 2025 ثم التفاوض بشأن القضايا العالقة مثل الأتمتة”، التي سوف تؤدّي إلى فقدان الوظائف، وظروف العمل وغيرها.

 

الحرب التكنولوجية

فرضت الولايات المتحدة قيودًا على تصدير المكونات والتقنيات الرئيسية إلى الصّين، وعلى دخول الإنتاج الصيني إلى الولايات المتحدة، وحذت أوروبا وأستراليا وكندا حذو الولايات المتحدة التي أدّت استراتيجيتها إلى منع الشركات الصينية من الوصول إلى المعدات الضرورية لتصنيع الرقائق المتقدمة، وعرْقَلَةِ البرامج التكنولوجية للصين التي تُهدّد التفوق التكنولوجي الأمريكي، وكثّفت الصين، خصوصًا منذ تشديد الحصار، سنة 2018، جهودها لتحقيق الاستقلال التكنولوجي، وأعلنت في بداية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2024، استثمارات بقيمة 41 مليار دولار في صناعة أشباه الموصلات وتطوير الطباعة ثُلاثية الأبعاد، بهدف تحفيز تقنية تصنيع الرقائق الإلكترونية المتقدمة، والمعالجات الدقيقة الخاصة بها لترسيخ مكانتها الدّولية في مجال التكنولوجيا الفائقة.

تحتكر حاليا شركة ASML الهولندية آلات الطباعة الضّوْئِيّة ذات الأشعة فوق البنفسجية القصوى، الضرورية لإنتاج الرقائق الأكثر تقدمًا، وهي عملية مُعقّدة تتمثل في حَفْر دوائر صغيرة جدًا على رقائق السيلكون، وتمنع القيود الأمريكية الصين من الوصول إلى هذه المعدات الحيوية، وللتغلب على هذه العقبة، تعتمد بكين على الشركات الرائدة، مثل SMIC، وHua Hong Semiconductor، وNaura Technology Group، وهي شركات صينية محلية تدعمها الدّولة لتطوير بدائل محلية للتقنيات الغربية، وأثبتت الصين قدرتها على رَفْع التّحدّيات وقدرتها على الإبداع تحت الضغط، وفق وكالتَيْ رويترز  وبلومبرغ (02 تشرين الأول/اكتوبر 2024) وكان إطلاق هاتف Huawei Mate 60 Pro سنة 2023 بمثابة نقطة تحول في حرب التكنولوجيا، لأن هذا الهاتف المحمول، المجهز بمُعالِج 5G المصمم والمصنع بالكامل في الصين، يُبرهن أن الصين قادرة على إنتاج شرائح متقدمة رغم العقوبات الأمريكية والحصار والتضييقات، وبذلك قطعت الصين خطوات لترسيخ مكانتها كقوة مبتكرة في صناعة أشباه الموصلات…  

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

سبعة عشر + خمسة =