بعض من مذكرات المناضل الدكتور عادل سمارة / معركة مستوطنة يفتاح 19 تشرين الأول 1966 واستشهاد الرفاق من تنظيم أبطال العودة




د. عادل سماره ( فلسطين ) – الثلاثاء 29/10/2024 م …ا

بعد خروجي من السجن إستعدت جواز سفري في أكتوبر 1966 وسافرت إلى بيروت يوم 29 أكتوبر لإكمال الدراسة. كان الشهيد وديع حداد متأكداً بأنني سأكون تحت الرقابة لأكثر من جهاز مخابرات عربي.

كان وديع يسكن شقة في بناية اسمها عمارة سنجر في طلعة حاج نيقولا. ولم يكن يعرف بيته سوى ثلاثة أنا أحدهم. لم اقم باية حركة قد تثير الشك أو المتابعة.
لم أكن أعلم أنه يوم 19 تشرين الأول 1966 كان استشهاد أربعة من الفدائيين من تنظيم ابطال العودة .
سافرت يوم 29 أكتوبر 1966 وحين وصلت بيروت ذهبت مباشرة إلى حارة حريك إلى المنزل الذي كان مقراً لأربعة رفاق من أبطال العودة هم: محمد رفيق عساف/ابو نظام، ومحمد اليماني، وسعيد البعد سعيد وسكران محمد سكران. كانت علاقتي المباشرة مع محمد رفيق عساف/ أبو نظام قائد المجموعة أما سعيداً فأعرفه بحكم الجغرافيا فهو من قرية دير عمار القريبة من قريتي.
طرقت باب الشقة ولم يرد أحداً، طرقت كثيرا وجلست أنتظر حيث قلت ربما يأتي أحد منهم ولمدة ساعة، ولم يأتِ أحداً.
قلت إذن لأذهب إلى بيت أحمد الأسمر في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين. حملت حقيبتي المثقلة بالكتب وأغراضي الأخرى وكنت قد أحضرت علب تمباك لوالدة أحمد حيث كانت تطلب مني ذلك لأنها تدخن نأرجيلة.
طرقت الباب وفتح أحمد:
قلت: وين الشباب دقيت على الباب ولم يرد أحد.
قال: اي شباب ؟
قلت: أبو نضال وسعيد ومحمد وسكران
دُهش احمد وقال: شوووو وما مسكك المكتب الثاني، أنت مش عارف أنهم استشهدوا!
فهم لم يتوقفوا عن مراقبة البيت! لقد أستشهدوا في معركة عند مستعمرة يفتاح قرب عكا، وجُرح وأُسر سكران.
وجدت نفسي في ذهول مزدوج.
فمن جهة لو التقطني جهاز المخابرات اللبناني لكنتُ قُتلت ولن يعلم بي أحداً لا سيما وأنني لم أُبلغ بيروت بأنني مسافر إلى هناك وبالطبع المخابرات اللبنانية كانت شبقة لالتقاط اي خيط.
ومن جهة ثانية، لا أذكر شعوراً بالفاجعة كشعوري حينها على رحيل الرفاق. قلت لأحمد أنا مرهق ، دعني انام. وفي الحقيقة جلست على الفراش الأرضي المتواضع لمناضل ولاجىء فلسطيني طوال الليلة راكزاً ظهري على الحائط دون أن افعل شيئاً.
قرأت بعدها في “فلسطين/ملحق جريدة المحرر ما كُتب عن الفدائيين ومنه:
“أنا إن سقطت فخذ مكاني يا رفيقي في الكفاح
واحمل جراحي لا يخفك دمي يسيل من الجراح
وانظر إلى شفتَيَّ أطبقتا على وهج الرياح
أنا لم امت أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراح.”
مضت الأيام وأُدخلت القضية نفق أوسلو.
وذات يوم ربما عام 1996 ذهبت إلى رام الله إلى مكتب جبهة التحرير العربية الأقرب إلى بعث العراق ايام الشهيد صدام حسين وكان مسؤول المكتب الرفيق راكاد سالم، فقدم لي رجلً بلباس عسكري: الرفيق أحمد الأسمر.
قلت: هل أنت أحمد الأسمر الذي كان مع ابطال العودة؟ قال نعم.
تعانقنا وتذكرنا كل شيء.
صحيح أن هذا بعضاً من مذكراتي وربما نشرته سابقاً، ولكنني أعود لنشره لأكثر من سبب:
أولاً: لأن منظمة أبطال العودة إحدى مقدمات بناء الجبهة الشعبية لاحقاً وبالطبع كغيرها من مقدمات ال/م/ق/ا/و/مة منذ 1967 بما هي التي اسست للقوى ال/م/ق/ا/و/مة الحالية في فلسطين ولبنان وأقصد الترابط التاريخي للنضال كي لا يُغمط نضال وتضحيات احد.
وثانياً: ربما لم تعد حارة حريك موجودة ولا برج البراجنة بعد الدمار الهائل بالطائرات الأمريكية والذخائر الأمريكية التي تتخذ شكل طائرات مقابل أطفال.وطبعاً بعيداً عن قتال البر وحواف الوطن المحتل.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

1 × اثنان =