د. عادل سمارة ( فلسطين ) – الجمعة 1/11/2024 م …
ولأن للإعلام كل هذا الحضور المتنامي مع تطور التكنولوجيا وتطويعها لمصالح الحكام وضد الشعوب وخاصة في الوطن العربي يصبح الحذر منها أهم من مشاهدتها، سماعها، قرائتها بمعنى، أن المواطن إذا لم يكن مسلحا بالحذر الواعي من أية وسيلة إعلام فإنه سوف يعٌبُ مما تدفع إليه ليغدو جزءا منها بترويجها قصدا أو حتى خلال تسلية الوقت اي قتل الوقت بالتقوُّلات وخاصة في مجتمعات البطالة فيها أوسع من العمل والإنتاج.
مثل غيري، وربماأكثر من غيري كثيراً ما نبهت، وساستمر، في التحذير من فضائيات تزعم أنها مقاومة بينما هي في حالات كثيرة أداة للغير بغض النظر عن سببين:
الأول: أن لإدارتها ، بأوامر مالكيها/مموليها ارتباطات لا شعبية وأحيانا لا عروبية.
والثاني: تعبئة الوقت بما هي وظيفة هذا أو تلك وضمن ذلك جهل الموظف لتجهيل الناس.
شاهدت قبل ايام برنامجاً عن الممثل السينمائي من المحتل 1948 محمد بكري، والرجل تطبيعي علانية ويفتخر بكونه من النسل التطبيعي للراحل إميل حبيبي المشهور بنعت القوميين ب “الحمير القوميجية”، وبأن نداء رقم 38 لانتفاضة 1987 بنمرة حذائه، وبأنه كان يرى نفسه حامل أختام إدخال اي شخص في الشيوعية أو رفضه ثم صار أمريكيا ونال وضع صورته على طابع بريدي للكيان.
وكانت قبل ثلاث سنوات قد استضافت نفس البكري كل من الميادين والأخبار وحتى السيدة المسرحية نضال الأشقر وضربوا بكرامة القضية العربية أي فلسطين عرض الحائط، وهناك في لقاءات البكري شتم أحد أفضل إيقونات النضال العروبي الفلسطيني بسام الشكعة والمعروف عنه الكثير، واذكر هنا أنه حين قابل الرئيس الراحل حافظ الأسد فيما يخص العراق واصر الأسد على موقفه قال له جملته المشهورة: “والله يا سيادة الرئيس الآن أشعر انني فقدت ساقَيْ”.
حدث ذلك حينما وضع الكيان ألغاما تحت سيارات رؤساء بلديات نابلس ورام الله والبيرة بما هم في الحركة الوطنية.
قد يبدو للبعض أن ما يبثه الإعلام هو السرد وليس عليه التحليل والرد والمواجهة. وهذا خطير حقاً، فليس كل مواطن قادر على التحليل على الأقل بحكم تخصصه أو عدم تخصصه، ولذا ليس دور الإعلام هو إيصال الخبر بل تحديد موقف من الخبر، لأن عدم تحديد الموقف هو موقف وخبيث ايضاً.
إن أخطر ما تمر به سوريا اليوم هو دور الإعلام وتواشجه مع الحصار كحرب اقتصادية، اي:
• إعلام غزير بل فائض
• وحصار شامل اي خانق.
وذلك لكسب ما لم يحصل بالسلاح، كسبه بالتجويع والبرد والبطالة والفساد…الخ.
وهنا يلعب الإعلام دوراً يُظهر هذه الأمور بأضعاف حجمها بهدف خدمة “ثورة الإرهاب” بتحريك الناس لهدم الدولة بهذه الوسائل طالما عجز المدفع أو جرى توقيفه لفترة. فمن يدري وخاصة أن الذين أحرقوا 2 ترليون دولار لهدم سوريا هم الآن:
• يتدلعون ويتنعفلون بأرباح وخاصة بعد أزمة كورونا وأزمة أوكرانيا
• ولا زالوا في دورهم المناط بهم من الأعداء
• ناهيك عن حقد البدوي حين يصبح حاكماً متاثرا بحقد الجِمال التي لا تتخلص من حقدها حتى على صاحبها، وهذه القيادات حاقدة على أمتها
• إضافة إلى أن معظم الأنظمة العربية الأخرى تزكي أنظمة الخليج وتتعاون معها ضد سوريا.
في أحد برامج نفس الميادين كان هناك متحدث أمريكي عن سوريا كل حديثه تبرير العدوان الأمريكي ضد سوريا، وللأمانة تصدت له المذيعة ربما بأكثر مما يُسمح لها ورد عليه الضيف السوري بأدب غير ضروري، لا سيما وأن الأمريكي كان يتحدث بتعالٍ واضح.
أما الأخطر بأن حديثه كان يوحي بأن الإحتلال الأمريكي لأراضي سورية هو أمر عادي وكأن أمريكا هناك دولة جوار وبأنها استعادت أرضها.
كان هذا في حديث الأمريكي أوضح حتى من أكذوبة مطاردة امريكا لداعش مع أنها أم داعش أكثر مما هي أم الكيان.
والمضحك أنه كان من الوقاحة بمكان بالقول: “الأسد يحكم بالقوة… الأسد يكاد يفلت”…الخ.
لا يهمني هنا أخذ القول باتجاه أن الأمريكي يتجاهل أن أمريكا ليست كما كانت، ولكن ما يهمني أن:
• لا الضيف السوري وهو مثقف ومتزن
• ولا المذيعة وهي شاطرة إلى حد ما
لم يقولا له: لماذا أمريكا هنا؟ وما علاقتها ودورها لصالح الكيان والأنظمة اللاعروبية.
لأن هذا بيت القصيد. هذا مع أنه وفر لهما فرصة التركيز على هذه المسألة بنفيه لحق الرئيس في الحكم…الخ.
إن أهم ما يجب على الإعلام التركيز عليه هم تفهيم ومن ثم تحشيد وشحن الشارع العربي ليدرك أن امريكا والكيان وكامل الثورة المضادة هم الذين عليه مواجهتهتم وإدراك أنهم أعداء بالفطرة والحضور الفاعل.
فمن لا يعرف عدوه يخالُ بأن عدوه وطنه فيشارك في الهدم.
فالاستهداف المطلق والعداء التاريخي والصراع التاريخي والحاضر والمستقبلي تشترط إعلاما مقاتلاً لا مختاتِلاً.