سورية في عُمُق عين العاصفة الإسرائيليّة مجددًا وتصعيد الغارات وحمَلات الاغتيال قد تتصاعد رأسيًّا وأُفقيًّا / عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان ( فلسطين ) – السبت 16/11/2024 م …
* ما هي الأسباب الحقيقيّة وراءَها؟
* وما هو ردّ دِمشق وموسكو على المطالب الصهيونيّة الابتزازيّة الوَقِحَة؟
* ولماذا نلفت نظر حزب الله لخُطورة المِصيَدة الأمريكيّة الجديدة تحت مُسمّى “وقف إطلاق النّار”؟
إذا أرَدنا أنْ نفهم أسباب تصاعد تطوّرين مُهمّين برَزا في المِنطقة، وتحديدًا الحِراك الدّبلوماسي الأمريكي الحالي للوصول إلى وقفٍ لإطلاقِ النّار في لبنان، والثّاني تصاعُد الهجمات العُدوانيّة الإسرائيليّة على سورية، لا بُدّ من العودة إلى تصريحات أدلى بها جدعون ساعر وزير الخارجيّة الإسرائيلي الجديد في مُؤتمر صحافي قبل يومين في تزامنٍ مع تسليم السّفيرة الأمريكيّة لمسودّة اتّفاقٍ لوقفِ إطلاق النّار في لبنان إلى السيّد نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، وزيارة رون درمر وزير الشّؤون الاستراتيجيّة في دولة الاحتلال المُفاجئة لموسكو.
الوزير ساعر عقد مُؤتمرًا صحافيًّا الهدف منه التّركيز على الاستِهداف الإسرائيلي لسورية، وفرض شُروط تعجيزيّة عليها عندما قال “إنّ الهدف المُتعلّق بمنع حزب الله من جلب أسلحة عبر الأراضي السوريّة إلى قواعده في لبنان، يُعتبر مبدأً أساسيًّا يجب أن يُبنى عليه أي اتّفاق لوقف إطلاق النّار في لبنان، ورمى الوزير ساعر الكُرة في ملعب موسكو للعبِ دورٍ أساسيٍّ في هذا المجال لتحقيق هذا الهدف.. وإلّا.
بمعنى آخر، أنّ اتّفاق وقف إطلاق النّار في لبنان بات مرهونًا بإضعاف حزب الله من خلال وقف إمداداته من الأسلحة الإيرانيّة الحديثة والمُتطوّرة لتعويض ما خسره، وما يُمكن أن يخسره في المُستقبل في حالِ استمرارِ حرب الاستِنزاف التي يشنّها حاليًّا في العُمُق الإسرائيلي، وخاصَّةً الصّواريخ الثّقيلة والمُسيّرات الانقضاضيّة المُتطوّرة التي تلعب دورًا كبيرًا في إلحاقِ أكبر قدرٍ مُمكن من الخسائر في القواعد العسكريّة والاستخباريّة الإسرائيليّة في حيفا ويافا وعكا وصفد والمطلة وطبريا.
***
حتّى تُحقّق إسرائيل هذا الهدف، أي وقف وقطع خُطوط الإمدادات العسكريّة الإيرانيّة إلى حزب الله وإلى الأبد، اتّبعت ثلاثة مسارات:
-
الأوّل: تصعيد الهجمات الجويّة الإسرائيليّة على قلب العاصمة السوريّة، وحي المزة الدبلوماسي الأشهر فيها، واستهداف مكاتب للجهاد الإسلامي، واغتيال قيادات إيرانيّة، وقبلها قصف القنصليّة الإيرانيّة، والهدف إحراج القيادة السوريّة وربّما جرّها إلى مُواجهةٍ أو ردودٍ ليست جاهزة لها في الوقتِ الرّاهن.
-
الثاني: تدمير خمسة من المعابر بين سورية ولبنان، وخاصَّةً معبر المصنع الدولي، وإغلاقها بالكامل والإبقاء على معبر واحد فقط، هو معبر طرابلس الذي باتَ مُزدحمًا سواءً بالمُسافرين أو النّازحين، أو الشّاحنات، بصُورةٍ تجعل فترة الانتظار للعُبور تزيد عن أربعة أيّام في أفضل الحالات، والذّريعة أنّ هذه المعابر تُستَخدم في تهريب السّلاح.
-
الثالث: توجيه إنذار قوي لموسكو بأنّ رفضها للضّغط على السّلطات السوريّة ولعب دور فاعل في وقف خط إمداد السّلاح الإيراني لحزب الله، يتمثّل في قصف الطّائرات الإسرائيليّة لأهدافٍ عسكريّةٍ سُوريّةٍ في مدخل مدينة اللاذقية، وعلى بُعد مسافةٍ قصيرةٍ من قاعدة حميميم الجويّة الروسيّة، وهو القصف الذي يُهدّد أرواح الجُنود والطّائرات المُتواجدة فيها، والرّسالة تقول إمّا أنْ تتعاونوا معنا، وتُحقّقوا مطالبنا، وإلّا قواعدكم ونُفوذكم في سورية مُهَدَّدٌ بالخطر.