رغم تكرار الرفض.. لماذا وافق نتنياهو على وقف الحرب مع حزب الله ؟ / د. خيام الزعبي
د. خيام الزعبي ( سورية ) – الثلاثاء 26/11/2024 م …
ساعات الحسم تقترب، فإما الذهاب إلى تسوية باتجاه اتفاق لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان، أو وضع المنطقة على شفا الاشتعال في أي لحظة،على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، وامتدادها جزئياً إلى لبنان، وانضمام جماعة الحوثيين إليها في البحر الأحمر، مع مشاركة المقاومة الإسلامية في العراق، واستكمال الجيش السوري استعداداته بانتظار ساعة الصفر، حدث ذلك في إطار مفهوم “وحدة الساحات”، الذي جعل بيئة الصراع مهيأة لتوسع العمليات العسكرية وتصاعدها على نحو قد يجعله قريباً من الحسم .
تصاعدت في الآونة الأخيرة في إسرائيل، الأصوات التي تدعو لوقف الحرب على لبنان، ولأسباب كثيرة منها القول إن الأهداف تحققت، ومنها بسبب الخسائر خاصة الاقتصادية منها، لكن على الأرض ارتفع منسوب الضربات المتبادلة خاصة القصف الصاروخي الذي يشنه الحزب على تل أبيب، يقول المراسل العسكري لموقع “والا” الإسرائيلي الواسع الانتشار، أمير بوخبوط : “انظروا إلى ما حدث منذ إغتيال نصر الله، تزايد إطلاق الصواريخ من لبنان. ألم يخبرونا أنه تم تدمير 80% من الصواريخ؟”، وذهبت “القناة 12” الإسرائيلية إلى القول “إنه لا يزال لدى حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف من جميع المديات”.
في هذا السياق بات حزب الله يستخدم صواريخ متطورة مستنسخة من صواريخ “سبايك” الإسرائيلية والتي أصبحت تقلق تل أبيب لاستهداف مواقع عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك قواعد ومنصات دفاع جوي وأنظمة اتصالات ، مما يجعلها تشكل تحدياً كبيراً للقدرات العسكرية الإسرائيلية.
على خط مواز، هناك مخاوف من أنه إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار في لبنان، فإن الحرب ستتوسع إلى سورية والعراق، ولهذا فإن القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش السوري والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع سورية والعراق، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع الجيش السوري سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.
بالتالي إن مقترح وقف اطلاق النار يأتي في وقت يواجه فيه نتنياهو ضغوطًا داخلية بسبب تمديد وتوسيع العمليات العسكرية، حيث يتهمه منتقدوه بأنه يسعى لإطالة أمد الحرب لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بعد الفشل الأمني الذي حدث في 7 أكتوبر.
وكذلك إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو بسبب ارتكابه جرائم حرب في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه يمثل إصدار “الجنائية الدولية” هذه المذكرة انتكاسة لإسرائيل ويعكس أدنى مستوى لها في معركتها من أجل الشرعية وحشد الدعم الدولي.
ومن هنا إن نقطة ضعف نتنياهو أنه لن يحتمل التعرض إلى أية خسائر مع حزب الله، فلديه معارضة قوية تترصده، وشعب غير موافق على مغامراته اللامسئولة، ووضع اقتصادي متأزم، وهناك توتر سياسي بين نتنياهو ووزرائه وأي تصادم مع قوى إقليمية (محور المقاومة) سيجعله في موقف محرج، فالخسائر ستكون كبيرة بالنسبة لتل أبيب.
بالمقابل، إن الرهان على إضعاف المقاومة وإسقاطها فشل وهي ترفع شارة النصر، فالتطورات الميدانية والقتالية تفيد بأن خطاب النصر الذي ستلقيه المقاومة قد بات قريباً جداً بغض النظر عن التوقيت، فالمؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أن إسرائيل العدوانية ومن ورائها على عتبة النهايات.
مجملاً…لم تعد الأمور بحاجة لوقت، فلو كان لإسرائيل وحلفاؤها اي قدرة على تغيير مجريات الميدان لصالحها لحصل ذلك في ذروة عدوانها، برغم إرتكابها كل الجرائم إلا أن هناك إرادة حديدية جسدها كل مقاتل من أفراد حزب الله وذهبت جميع محاولاتها للنيل من صمود المقاومة أدراج الرياح ولم تحصد إلا الخيبة والهزيمة أمام الإيمان المطلق لتحقيق النصر النهائي بدحر الإرهاب عن لبنان وفلسطين والمنطقة بأكملها
وأختم بالقول: الذي يجب أن يعرفه الإسرائيليون ومن ورائهم المتطرف نتنياهو جيداً أنه لن يجد مقاوماً واحداً يقبل أن تكون إسرائيل في خاصرتنا، حتى وإن استمرت الحرب سنوات وسنوات، ومهما كان حجم إستنزافها البشري والمالي، ولو قرأ نتنياهو وعملائه الوضع اللبناني والفلسطيني الآن بتمعن وروية لأدركوا أن بقاءهم لن يطول في بلدنا، الأمر الذي يجعلني أراهن على أن قوات جيش العدو لا يمكن أن تصمد أكثر من ذلك، لأن الدور الأمريكي الإسرائيلي بات مكشوف وواضح، ولِذلك ستحقق المقاومة النصر المؤزر الكامل، وليس وقف الحرب بصفة جزئية، ثم العودة إليها مجدداً.