من لواء جولاني الى ابي محمد الجولاني: أنقذونا، فقد هُزِمْنا وانتصرت المقاومة .. اما الثأر فمعقود بنواصيكم وما نواصيكم الا بايدينا! / الياس فاخوري
الياس فاخوري ( الأردن ) – الأحد 1/12/2024 م …
من لواء جولاني الى ابي محمد الجولاني: أنقذونا، فقد هُزِمْنا وانتصرت المقاومة .. اما الثأر فمعقود بنواصيكم وما نواصيكم الا بايدينا!
مقرنا – مقر اللواء (لواء جولاني) في بنيامينا بات عرضة للاستهداف وتحت رحمة صواريخ المقاومة تماماً كما منزل رئيس الحكومة (وصلت مُسيّرات المقاومة إلى غرفة نوم النتن ياهو)، وكل منازل الكيان .. نعم سيطرت المقاومة على اجوائنا(أجواء فلسطين المحتلة) .. وفشلنا في ترميم وضع القوات البرية بما يجعلها قادرة على مواجهة مقاتلي المقاومة، وقد تبين هذا جلياً بعجز جيشنا (جيش الاحتلال) – رغم ضخامة الدعم الأميركي الأطلسي، وبعد كل الاستعدادات والمناورات – عن السيطرة الفعلية على أي منطقة في جنوب لبنان .. بل ان المقاومة تمكنت من إحداث تدمير مريع في قواعدنا العسكرية، واستطاعت تكبيدنا خسائر فادحة في الأعتدة عداك عن الجنود والضباط.
اما الرابع والعشرون من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 – يوم انهمار صواريخ المقاومة على عاصمتنا ومدننا (عاصمة الكيان الإرهابي ومدنه) – فلم يكن مجرد كابوس مخيف في حياتنا، بل هو يوم مجيد في حياة لبنان والعرب، وفي تاريخ الصراع العربي – الصهيوني .. كما شكّل رسالة متعددة الأبعاد والاتجاهات انطلاقاً من لبنان وتكاملاً مع المقاومة الغزّية ليتوالى توالد الملاحم الأسطورية!
وهذا الشيخ نعيم قاسم يعلن الأنتصار مستشهداً باعتراف رئيس حكومتنا بخصوص ضرورة ترميم الجيش وإعادة تسليحه: “انتصرنا لأنَّنا منعنا العدوّ من إنهاء حزب الله والمقاومة وهزمنا العدوّ لأنَّ نتانياهو ذهبَ ليبرِّرَ للإسرائيليين لماذا اضطّرَ للرضوخِ ووقفِ العدوان وهو قال إنّه يريد ترميم جيشه وإعادة تسليحه”.
اما صحيفتنا (“الهاآرتس” – صحيفة الكيان المحتل) فقد كتبت: “لم نحقق شيئًا، ولم نهزم أحدًا، واقتصادُنا منهار وشبابُنا يهاجرون .. لو جاء كائن من الفضاء وشاهد من فوق ما يجري، ماذا سيرى؟ سيرى حرباً مستمرة منذ أكثر من سنة من دون أن تظهر نهايتها، وأنه لم تتحقق أي من أهداف الحرب؛ لم يطلَق سراح المخطوفين، ولم تتحقق عودة النازحين في الشمال إلى منازلهم، ولم نهزم “حماس” أو “حزب الله”، ولم نبعِد إيران عن الذين يدورون في فلكها. كما سيرى اقتصاداً إسرائيلياً منهاراً، والحصانة الاجتماعية في وضع من التفكك وعلى شفير حرب أهلية، والعالم المتنور يبتعد عن إسرائيل، وسلاح البر منهَك إلى حد كبير جداً.”
أنقذونا، فقد هُزِمْنا وانتصرت المقاومة .. اما الثأر فمعقود بنواصيكم وما نواصيكم الا بايدينا .. النجدة النجدة؛ انقذنا يا أباً محمد الجولاني بألوية جبهة النصرة وحركة تحرير الشام وتنظيم القاعدة فأنتم، كما قال عنكم وزير حربنا الأسبق موشي يعالون، حليف كياننا المحتل ومؤتمنون على الحدود الشرقية منذ عام 2014 .. وأنتم من حاولنا (من خلال الأميركيين) منحكم الإدارة الذاتية في مناطق سيطرتكم بواسطة المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا!
هي، يميناً، نَاصِيَةٌ كَاذِبَةٌ خَاطِئَةُ – كاذبة في القول، خاطئة في الفعل ..
نعم الحرب الدائرة في شمال سوريا ان هي الا امتداد للحرب التي دارت في جنوب لبنان، والنتن ميلكوفسكي لم يقل “الأسد يلعب بالنار” عبثاً، بل كان يؤشر الى سوريا بوصفها الهدف التالي .. ولان المقاومة اللبنانية قد انهكت جيشه، فقد أوكل المهمة الى ابي محمد الجولاني علّه يساعد في تدمير عناصر القوة في المنطقة لاستكمال شروط الهيمنة الإسرائيلية نحو “إسرائيل الكبرى” عبر الاحتلال و”إسرائيل العظمى” عبر النفوذ .. فهل تُفلح ألوية ابي محمد الجولاني حيث فشل لواء جولاني الأصلي في جنوب لبنان وأُدخل الى غرفة العناية الفوق فائقة!؟
واي صدفة تمنع تركيا من قطع علاقاتها مع كيان الاحتلال تضامنا مع غزة، كما فعلت دول أميركا اللاتينية!؟ هي الصدفة ذاتها التي تتقاطع فيها مع أميركا، التي تدير حلف الناتو (تركيا عضو فاعل فيه)، على ابي محمد الجولاني وجبهة النصرة .. اما روسيا وإيران وقوى المقاومة فلن تتردد في الانحياز الى جانب سوريا وهي جميعها على يقين بأن امنها الاستراتيجي يتصل وجودياً بقوة سوريا وأمنها .. وعليه سيتم حسم معركة حلب الثانية وفقاً لنتائج معركة حلب الأولى .. وهذه فرصة تركيا الاخيرة لاختيار اصطفافها الإقليمي الواضح دون الرمادية التي التفّت بها في حرب غزة وحرب لبنان ولتنتقل من الأهداف التكتيكية لملاقاة الهدف الاستراتيجي لحلف كبير مستعد للقتال دفاعاً عن سوريا.
من الرئيس الأسد الى كولن باول وبلينكن وهوكشتاين!
أتذكرون كيف وقف وزير الدفاع الأميركي كولن باول بعد احتلال بغداد ينتظر جواب الرئيس السوري بشار الأسد على طلبات وقف دعم حركات المقاومة!؟ اليوم يقف بلينكن وهوكشتاين وبعض الغرب ليطرحوا على الرئيس السوري مقايضة وقف الحرب بتدويل الحدود مع لبنان تضييقاً للخناق على المقاومة. وكما كان الجواب يومها قاطعا بالرفض، هو اليوم قاطع بالرفض أيضاً، وسوف تنتصر سوريا اليوم كما فعلت يومها!
وبالمناسبة لن أغمض عيني عن جريمتي التاسع والعشرين من تشرين الثاني ـ وإنْ بفارق ثماني سنوات: 85 عاماَ على سلخ لواء الإسكندرون و77 عاماَ على قرار تقسيم فلسطين 29 تشرين الثاني .. التقاء الإرادتين الاستعماريتين البريطانية والفرنسية لا يمكن أن يكون صدفة، لكنه لن يهزمنا!
وهنا لا بد ان استعيد ما قالته ديانا فاخوري: “سوريا للسوريين، والسوريون أمة تامة”.
كما على الأرض كذلك في السماء: سوريا، خالقة الأزل، تعيد كتابة التاريخ وتعيد توجيه البوصلة طبيعيا نحو فلسطين!
تحررت دمشق، ولم تسقط مجرد طائرات او صواريخ العدو في المحور “الصهيواوروبيكي”.. أسقطت سوريا ثقافة “النعجة” عربيا و ثقافة “الرامبو” اسرائيليا! سوريا: أنا أقاوم، اذن أنا موجودة!
إنها سوريا المقاومة .. سوريا العربية العلمانية الموحدة .. مثوى ألف نبي .. فكرة خمسة عشر الها خرافيا .. أم لستة من أباطرة روما .. لؤلؤة العرب و جوهرتهم!
سوريا .. صاحبة عبقرية الأزل محكومة بالمقاومة و الممانعة منذ الأزل .. قاومت الإغريق و الرومان و المماليك و العثمانيين و ما زالت تقاوم قوى الشر الصهيوأوروبيكية .. و لعل هذا ما يمثل جوهر وجودها التاريخي و علة كونها الاستراتيجي!
سوريا هذه تجسد قصة الحب الأزلي بين الله و الانسان في كنيسة “حنانيا” و شقيقتها الكبرى “المريمية” .. كما في “المسجد الأموي” و ماء “بردى” و ضريح “محي الدين ابن عربي” في سفح قاسيون .. و كان “ابن عربي” قد أوصى بدفنه في دمشق حيث يستطيع أن يرى الله بالعين المجردة ..
دمر هولاكو بغداد و أسلم في دمشق .. حرر صلاح الدين القدس و طاب موتا في دمشق .. قدم لها الحسين بن علي و يوحنا المعمدان و جعفر البرمكي رؤوسهم طلبا لرضاها .. و ما بين قبر زينب و قبر يزيد خمس فراسخ .. انها دمشق، لا تعبأ بكارهيها .. و تتفرغ للغرباء الذين ظنوا أنفسهم أسيادها ليستفيقوا عالقين تحت أظافرها!
فلا غرو اذن ان يكلم الله الشعب العربي في سوريا مبشرا بالنصر (جامعا البشارة والنصر): أنتم قلعة العرب، و انكم انتم الغالبون!
انها سوريا العلمانية القومية الموحدة والجولان في وسطها – لا على حدودها – وحبل السرة يضمها جميعا بما في ذلك الرقة ودير الزور والحسكة والاسكندرون بعد عودته .. وها هي الشمس تشرق لتستمتع برؤية سوريا تحنو علی فلسطين محررة والهلال الخصيب موحدا!
اما انت، يا ديانا، ففي الحسن صورة يوسف .. وانا في الحزن مثل ابيه – تَسَرَّبَ في الدُّموعِ فَقُلتُ: وَلّى// وَصَفَّقَ في الضُّلوعِ فَقُلتُ: ثابا//
الدائم هو الله، ودائمة هي سوريا، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
الياس فاخوري
كاتب عربي أردني