احتلال مزيد من أراضي سوريّة وتدمير مقدراتها.. متى تذهب السكرة وتأتي الفكرة؟ / كمال ميرزا
كمال ميرزا ( الأردن ) – الثلاثاء 10/12/2024 م …
احتلال الكيان الصهيونيّ لمزيد من الأراضي السوريّة، وتدميره بلا رقيب أو حسيب للبُنى والمعدّات والمقدّرات العسكريّة (التي يُفترض أنها ملك للسوريّين والدولة السوريّة وليس لبشار الأسد)، هي في ميزان حسنات “الثوّار” و”المجاهدين” و”أردوغان” إن شاء الله.. والحبل على الجرار!
أليس من واجب أي حراك ثوريّ أو جهاديّ يهدف إلى إسقاط نظام قائم وتولّي زمام السلطة مكانه أن يضع في حسبانه كافة الخطط والترتيبات والإجراءات اللازمة لتأمين جميع هذه الجوانب؟
واضح أنّ السلاح النوعيّ الوحيد المسموح لسوريا “المدنيّة الديمقراطيّة التعدّدية” القادمة امتلاكه هو الكلبشات والهراوات والسلاح الفرديّ وخراطيم المياه من أجل حفظ الأمن والنظام الداخليّ (أين رأينا نموذجاً للسلطة يشبه هذا النموذج في المنطقة؟).
وفي حال سيتم رفد الجيش “الجديد” بسلاح جديد، فقطعاً سلاحاً أمريكيّاً وغربيّاً فقط، وبالكميّة والنوعيّة المقرّرة فقط، وبالسعر المحدّد الذي سيُسجَّل ديوناً تكبّل سوريا وتخنقها وتسلبها مواردها وفوائضها لمئة سنة قادمة (أين رأينا شيئاً مشابهاً لهذا أيضاً؟).
أمّا قمّة الصفاقة والاستغباء فتلك الإشاعة التي تمّ إطلاقها عبر الفضاء التواصليّ، وتلقّفها وتداولها الدهماء بدون تفكير أو تمحيص فقط لأنّهم يريدون أن يصدّقوها، ولأنّها تروق لهم، ولأنّها “تحكّ لهم على جرب” كما يقول التعبير الشعبيّ.. ومفادها أنّ قصف بعض المواقع السوريّة قد تمّ بناء على طلب من “ماهر الأسد”، واستناداً على معلومات مقدّمة منه، وذلك بحكم علاقته بـ “الموساد”، من أجل تدمير بعض الوثائق والأسرار التي يخشى أن تُفضَح وتظهر للعلن!
مثل هذا النوع من الدعاية الإعلاميّة السمجة والساذجة، لكن الفعّالة، تُحقّق هدفاً رباعيّاً:
أولاً: تلعب على وتر تلك الرواية التي طالما تلذّذ بها كثير من الناس، واتخذوها ذريعة بينهم وبين أنفسهم وحُجّة أمام الآخرين، بأنّ النظام السوريّ مرتبط بالكيان الصهيونيّ في الخفاء، و”من تحت لتحت”، شأنه في ذلك شأن إيران و”حزب الله” وسائر الشيعة و”الروافض”، وذلك ضمن مؤامرة عالميّة سريّة موجّهة ضدّ أهل السُنّة والجماعة حصراً!
ثانياً: تُلهي الناس، ويصبح حديثهم وشغلهم الشاغل هو “ماهر الأسد” وعلاقته المزعومة بـ “الموساد”، وينسون أو يتناسون حقيقة أنّ الكيان الصهيونيّ هذه اللحظة يقوم بقصف سوريا واستباحتها على مرأى ومسمع الثوّار والمجاهدين.
ثالثاً: تُوقِع الناس في مزيد من الخلاف والانقسام والتشرذم والتخوين بين مُصدّق للرواية، ومُكذّب لها، ومُكذّب للمُكذّب لها.. وهكذا دواليك.
رابعاً: تعفي “الثوّار” و”المجاهدين” من مظنّة التواطؤ أو التقصير. وتبرّئ الكيان الصهيونيّ بطريقة غير مباشرة، أو على الأقل تمنحه العذر والمبّرر الذي يعفيه من المسؤولية إزاء ما يقترفه من انتهاك واستباحة وتدمير، وتحميل المسؤوليّة كاملةً مرّة أخرى إلى “النظام الساقط” الذي سبق وأن تمّ اختزاله في شخص وعائلة!
اللهم سلّم سوريا وكلّ سوريّ حرّ شريف، ولكن نحن ما نزال في اليوم الثاني أو الثالث فقط، والأمثلة أعلاه غيض من فيض، وهناك الكثير لنراه بعد.. ومع هذا فإنّ الغالبيّة يصرّون على البقاء في سكرتهم يعمهون!