السلطة الفلسطينية وحماية (منجزاتها) المزعومة!!/ سماك العبوشي

سماك العبوشي ( العراق ) – الثلاثاء 24/12/2024 م …



شتان بين أوطان حرة الإرادة ذات سيادة وطنية ناجزة، مطمئنة مستقرة كانت قد سعت قيادتها من أجل تحقيقها وبنائها ورسوخ أقدامها، وبين أوطان أخرى بائسة بفضل تقاعس قادتها وقلة تدبيرهم وغبائهم السياسي، ففقدت سيادتها وكرامتها الوطنية !!

ذاك أمر بديهي جدا، كما وبات أمرا مفروغا منه أن نرى سلطة (وطنية) تسعى بكامل جهدها على الحفاظ على (حماية) وطنها ذي السيادة الناجزة، وديمومة أمن أفراد شعبها و(كرامتهم) والحفاظ على (مكتسباتهم الوطنية) التي حققتها لهم، ومن هذا المنطلق تحديدا فإننا ندرك ونعي حقيقة حرص أي سلطة وطنية صادقة شفافة وسعيها الدائم للحفاظ على مكتسباتها ومنجزاتها الوطنية المتمثلة بالكرامة والاستقرار والهدوء والرخاء والطمانينة، فنراها تسارع على إطلاق سلسلة من حملات أمنية لضرب واستئصال كل أوكار الفتنة والخارجين على القانون والمتطرفين الساعين لزعزعة استقرار بلدانهم!!

تلك لعمري مقدمة حتمية ضرورية لجذب وشد الأنظار كي ألج بعدها لصلب الموضوع الذي جئت لطرحه على مسامعكم الكريمة، حيث تعيش مدن ومخيمات الضفة الغربية حالة من الترقب والقلق في ظل مواصلة أجهزة الامن الفلسطينية للأسبوع الثالث على التوالي حملتها الأمنية ضد المقاومين في مخيم جنين (وهو ثاني أكبر مخيمات الضفة)، تحت شعار “حماية وطن” متذرعة بفرض القانون، واعتقال من وصفتهم بالخارجين عنه ونزع سلاحهم، ففي الوقت التي خرج الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب بتصريحات منوها بإن حملة (حماية وطن) التي تنفذها قوات أمن محمود عباس في جنين تستهدف “خارجين عن القانون”، متعهدا بملاحقتهم “في جميع أنحاء الضفة الغربية بكافة عناوينهم ومسمياتهم”، فقد صدر تصريح لناطق باسم كتيبة جنين معلنا بأن السلطة الفلسطينية تريد “جنين بلا سلاح مقاومة”، مضيفا بأن “بوصلتنا واضحة وهي ضد الاحتلال فقط، وتبنينا المقاومة عن الضفة كاملة”!!

والسؤال الهام الذي يطرح نفسه:

ما الذي حققته السلطة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيسها في أعقاب التوقيع على اتفاقية أوسلو حتى يومنا هذا من إنجازات لشعب فلسطين عموما ولأبناء الضفة تحديدا والذي تخشى أن تخسره!!؟

والجواب الصريح الشفاف عن تساؤلي ذاك هو لا شيء على الاطلاق، بل أن السلطة الفلسطينية كانت قد منحت اسرائيل مظلة كاملة لاستكمال مشاريعها الاحتلالية والاستيطانية، كما وقيدت المقاومة وضيقت الخيارات والبدائل امام الشعب الفلسطيني!!

هذا باختصار شديد تبيان لما أنجزته السلطة الفلسطينية!!

وعودة لبدء، وتحديدا عن الحديث بخصوص جدوى قيام السلطة الفلسطينية بإطلاق حملات أمنية مسعورة أطلقت عليها تسميات رنانة وشعارات طنانة كـ (مكافحة الخارجين عن القانون!!) و (حماية وطن) التي أعلن عنها الناطق الرسمي لقوى الأمن الفلسطيني العميد أنور رجب، ولنتساءل بأسى وألم شديدين:

ما الذي حققته السلطة الفلسطينية لشعبها من وعود الرفاهية والكرامة والسيادة الوطنية كي تسعى الان للمحافظة عليها وحمايتها!!؟

الذي أعلمه يقينا بأن أسباب إطلاق حملات أمنية (وطنية) لمكافحة الخارجين عن القانون والمتطرفين في المجتمعات إنما يتم تنفيذها في حالتين اثنتين:

أولا … إذا ما كان المجتمع مستقرا، كريما، سعيدا، مزدهرا، آمنا داخل حدوده، وذا سيادة ناجزة على وطنه، وللأسباب آنفا، فإن أي سلطة وطنية صادقة مخلصة تخشى أن يعبث العابثون والحاقدون في أمن وطنهم، فينكص ذلك المجتمع المزدهر على عقبيه فيخسر مواطنوه استقرارهم وطمأنينتهم وامنهم، ويخسر الوطن كرامته وسيادته!!

ثانيا … أو إذا ما أقدم عدو حاقد حاسد طامع على تجنيد بعض المندسين من أبناء وطن مستقر وآمن لزرع ونشر  الفوضى في وطنهم، بقصد إرباك عجلة تقدمهم، وإيقاف عجلة مسيرة تنمية وطن تقوده قيادة سياسية حكيمة وراشدة والتي وضعت نصب عينيها وفي حسبانها تحقيق وديمومة كرامة وعزة ورفاهية أبناء شعبها!!

والسؤال: في كلا الاحتمالين الواردين (أولا، قانيا) اعلاه، وفي ظل ما يجري في الضفة على أيدي قوات أمن السلطة الفلسطينية من حملة شعواء على شبان المقاومة الرافضين للاحتلال الإسرائيلي، تحت شعارات (مكافحة الخارجين عن القانون!!)، أقول : فما الذي تخشى قيادة السلطة الفلسطينية من تعطيل وإرباك لمنجزاتها التي حققتها لعقود منذ تأسيسها، في ظل المعطيات المؤلمة التالية:

إصرار قيادة السلطة الفلسطينية وتشبثها بعملية السلام التي تعثرت منذ سنوات ثم انهارت فيما بعد وأدى فشلها إلى تقويض الرسالة الأساسية للسلطة الفلسطينية التي مفادها أن التحرير يمكن تحقيقه من خلال الدبلوماسية، وبالتالي إلقاء ظلال من الشك ليس فقط على حكمة التوقيع على “اتفاقية أوسلو، بل على سبب وجود “السلطة الفلسطينية” أيضاً!!.

– سحب الاحتلال صلاحيات السلطة السيادية والامنية والاقتصادية وحولتها الى سلطة وظيفية، تحمي ظهر الاحتلال ومستوطنيه من خلال التنسيق الأمني (المقدس)!!

– الوظائف الحكومية أصبحت عبارة عن خدمات سياسية يتم توزيعها على المؤيدين، وكانت الأموال العامة والتي يأتي الكثير منها من المساعدات الدولية، مجرد وسيلة لإثراء المسؤولين، يقابله تراجع الخدمات وزيادة نسبة الفقر والبطالة في مدن الضفة الغربية!!

– ازدياد ضراوة ووحشية الاحتلال الاسرائيلي، وارتفاع وتائر ابتلاع الاستيطان لغالبية اراضي الضفة، وتغول المستوطنين على أبناء قرى ومدن الضفة، حيث وصل عدد المستوطنات إلى أكثر من 40 مستوطنة حول القدس، يتركز فيها 280 ألف مستوطن!!

– تراجع القضية الفلسطينية في كثير من العواصم العربية والدولية حتى جاء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 فأعاد القضية مجددا لصدارة الأحداث!!

فعن أي (وطن) بربكم تدعي السلطة الفلسطينية حمايته والحفاظ عليه وعلى مكتسباته في ظل استباحته التي نراها يوميا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على شاشات التلفاز وما تنقله الانباء والقنوات الفضائية!!؟

وأي (الخارجين عن القانون) الذين تدعي قيادة السلطة الفلسطينية محاربتهم والسعي لاجتثاثهم وهم أبناء الوطن المحتل والرافضون للاحتلال الإسرائيلي!!؟  

فأي ضحك على الذقون ذاك الذي تفعله قيادة السلطة الفلسطينية وقوات أمنها (المارقة)!!!؟ 

ختاما، وخلاصة القول:

لا تخفي السلطة الفلسطينية مخاوفها من تصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية، وتعتبره تهديدا لوجودها المرتبط بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، وبالتالي فإن تطور قدرات المقاومة الفلسطينية في الضفة يزيد من احتمالات تراجع النفوذ الأمني للسلطة في الضفة وهي تخشى تكرار سيناريو قطاع غزة، لهذا كله لا جرم أن أقدمت قيادة السلطة الفلسطينية على إطلاق حملتها تلك وانساقت بها، فقد دخلت بغباء في متاهة أوسلو ولم تعرف لها خلاصا منها، فكان أن استحوذ الشيطان عليها وزين لها أفعالها، وبدلا من أن تعلن عن فشل مسعاها ذاك، فقد ركبها الكبر والغرور وأطماع الدنيا والمناصب، فكان أن أوغلت بدماء أبنائها، وهو لعمري أمر ليس بالمستغرب أبدا، لاسيما في ظل جامعة عربية معطلة مخدرة نائمة لا علاقة لها بما يجري من أحداث جسام على ارض العرب، يضاف لذلك أنظمة عهر وانحطاط عربي، انساق بعضها في سياسة التطبيع مع العدو، وتحالفت معه، فأغلقت المنافذ والمعابر عن أبناء غزة، ومنعت عنهم سبل الحياة، فيما أمدت عدوها بشريان الحياة من خلال تزويدها بالمؤن والبضائع من خلال ممر بري يمتد من موانئهم الى موانئ العدو، فيما التزم البعض الأخر جانب الصمت وتخاذل عن نصرة بني جلدتها وعقيدتها واكتفائها بترديد عبارات الشجب والادانة والاستنكار، فدخل قادتهم في مرحلة التيه الفكري، بعد أن أحاطت تلك الأنظمة نفسها بأقفاص سايكس بيكو واستماتت بالدفاع عنها والحفاظ عليها!!  

قال تعالى:

قال تعالى في محكم آياته من سورة إبراهيم، الآيتين 42، 43: “ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ”.

وقال تعالى في محكم آياته من سورة القصص، الآية 56: “إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ “.

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

2 + ستة عشر =