أسرار زيارة جنبلاط الذليلة للجولاني! والخطبة الخبيثة العوجاء والتفريط بشبعا! / خليل إسماعيل رمَّال

خليل إسماعيل رمَّال ( لبنان ) – الخميس 26/12/2024 م …




ما زلت أفكر بأسرار زيارة وليد جنبلاط الذليلة الخانعة المُهينة لدمشق فينتابني شعور هو مزيج من الغضب والشفقة عليه وهو يمشي كالكركوع محني الظهر من السنين، خانعاً فعلياً ورمزياً أمام الجولاني بقصر الرئاسة الذي احتلَّه وهو ليس رئيساً لسوريا! وحتى بشكله التسويقي الجديد تبدو “مبهبطة” عليه علامات الرئاسة والقيادة أو الريادة. وعلى علماء النفس والسياسة اليوم أن يفكِّروا بمن يتشبَّه الجولاني بثوار أو “فاتحين” في التاريخ، فوضع النيو لوك محيِّر فِعلاً تجعله عصيَّاً على المقارنة والمُقاربة التاريخية.

هل شاهدتم كيف يمشي مذعوراً مُتثاقلاً ومسعوراً يستخدم يديه وكأنه يجدِّف الهواء (كالغُراب الذي أراد أن يُقلِّد الحجل)، وهو مثل القميء أشرف ريفي لا يضحك للرغيف السخن؟! أما عن الكاريزما فانسى! لأن كمية الكاريزما عنده هي بقدر ما عند ميشال سليمان الخشبي: صفر مكعَّب. هذا الجولاني “الثائر” لا يشبه أحداً من “الثوار” لا كاسترو ولا لومومبا ولا تشافيز وحتماً هو بعيد مليون سنة ضوئية عن تشي غيفارا العظيم رغم إطلاق لحيته. الجولاني لا يُشبه إلا نفسه حتى ولو تخلَّى عن اللباس التكفيري واعتنق ربطة العنق التي لا تناسبه بتاتاً ولعلها أفظع ما نزلت على رقبة بشر!

رغم كل هذه “السِمات” فيه، خاطبه وليد جنبلاط ب”سيدي القائد” بتملُّق يذكِّرنا بأيام نفاقه مع نظام الأسدين! بايع “البيك” الإشتراكي سيده باحترام وعلى بياض، رغم إذلاله المُريع له واستلشاقه به كرئيس وفد أحد القبائل، كما كتب المُقاوِم السيد البجاني (kahale_tayyar@) حيث قال:

“وليد جنبلاط تصرف بطيبة قلب مع الجولاني فظن انه كان يقرأ ويسمع كلمات جنبلاط المناهِضَة لنظام بشار الأسد وينظر اليه كملهم للثورة وسوف يستقبله بهذه الصفة فأعد لزيارة دمشق وشكل وفداً يليق بالمناسبة مع شيخ العقل وجمع النواب وقيادة الحزب والمشايخ ولما وصلوا استقبلهم أحد المرافقين وسار بهم بين الممرات مئات الأمتار مشياً حتى وصلوا إلى قاعة الاستقبال منهكين وتوزعوا المقاعد التي يتوسطها مقعد الجولاني الفارغ حتى دخل عليهم مع مرافقيه وكاميرات الإعلام صافح وليد جنبلاط وشيخ العقل ولم يتلفت لرئيس الحزب الحالي النائب تيمور جنبلاط وألقى فيهم خطبته ونصائحه فتلمظ جنبلاط شفتيه ووضع معطفه فوق كتفه وشكره ومشى وأجاب من رؤوس شفاهه على الصحفيين. وبعد قليل وصل وزير خارجية تركيا حاقان فيدان وإذا بالجولاني ينتظره على مدخل المقر ويصطحبه ويمشيان معاً ويتبادلا الإبتسامات والأحاديث كما يليق بضيف كبير لا بوفد قبيلة جاءت للمبايعة كما يمكن وصف استقبال جنبلاط والوفد المرافق – تلك غلطة في السياسة وليست في البروتوكول – فهمها جنبلاط وعاد”.

السر الثاني هو عودة وليد الغدار لإثارة مسألة ظننا أنه تخلَّى عنها بلحظة من لحظات التخلِّي المعروفة عنده وهي “لا لبنانية” مزارع شبعا وأنها سورية رغم فيض الإثباتات والأسانيد من قبل أبناء البلدة أنفسهم والأمم المُتَّحِدَة! وسبب دهشتنا للإعلان عن هذه “الهدية” للجولاني هو أن الأخير الذي تغاضى وقبِل باحتلال العدو مئات الكيلومترات في مناطق استراتيجية من سوريا هل كان يفكِر ببضعة “مزارع” في شبعا وضرورة تحريرها لأنها أرض سورية؟!

ربما هدف وليد، الذي لا يفقه سره إلا الذي خلقه، القول أن مبرر وجود المقاومة لتحرير شبعا من الإحتلال انتفى بسبب عدم لبنانيتها وهي مسؤولية سوريا الجديدة، ولم يبق إلا قرية الغجر وتلال كفرشوبا وترسيم نقاط الخلاف الحدودية وهذه سيتم حلها دولياً عبر الوسيط الأميركي وكان الله يحب المُحسِنِين!

السر الثالث هو الخطبة العوجاء الخبيثة للجولاني الجديد الذي ادعى أن لا ذنب له بما جرى منذ ١٤٠٠ سنة وكأنه شخص مسكين بريء محايد غير مُنتقِم ورحوم (لم يقطع رأساً في حياته) وتأكل النملة عشاءه! لكن الواقع هو كما اختصره ببلاغته المعهودة الكاتب المُقاوِم الباسل بيار أبي صعب بالقول وله الكلمة الأخيرة:

الخطبة العصماء التي ألقاها الكوماندانتيه أحمدتو (ex) جولاني، في حضرة ⁧الرفيق وليد بيك‬⁩ عدا سفاهتها وفوقيتها، تحريفية مرتين! وفي كل مرّة تصبّ في مصلحة الخطاب الإستعماري، والمشروع الاستعماري.

‏1) المستوى التحريفي الأول يتجلّى في ⁧‫السردية المذهبية‬⁩: حسب ⁧‫التكفيري نيولوك‬⁩ الذي انتقل من أرهابي إلى “⁧‫حاكم دمشق‬⁩”، فيما العالم ينظر اليها مشدوهاً أو منتعظاً (منتعشاً؟) فإن الحرب الأهلية السورية يمكن اختصارها كالآتي «جاء الروافض ليقتلوا “أهل الشام” إنتقاماً من أحداث جرت قبل ألف وأربعمئة عام، “لا دخل لنا بها”!»… هذا تحريض مذهبي مريع، وتحريض على ⁧‫حمامات دم‬⁩ آتية، وتشويه واحتقار وطمس لانتفاضة شعبية واسعة، قلبتها “الدول الراعية للخراب” حرباً أهلية…

2) المستوى التحريفي الثاني هو سردية “فلسطين الذريعة”! ⁧‫الكوماندانتيه‬⁩ الذي لم يطلق في حياته رصاصة على “إسرائيل”، على امتداد التنظيمات الإرهابية التي تعاقب عليها، والذي يتعامى منذ أسبوعين عن كارثة تدمير جيشه واحتلال ارضه من قبل العدو الصهيوني، يعتبر ان ⁧‫فلسطين‬⁩ ليست سوى ذريعة يستعملها ⁧‫محور المقاومة‬⁩، كي يقتل “اهل الشام”.

أي أن الحرب المصيرية التي تخوضها شعوبنا ضد الإحتلال الإسرائيلي، والتي تبدو مهمة الجولاني الأساسية فيها ⁧‫مساندة اسرائيل‬⁩، هي مجرد اختراع إيراني لتبرير الجنوح التوسعي لدى ⁧‫إيران‬⁩، وخوض حروب “الروافض” على “أهل السنة” واحتلال دول عربية. (كويس أن إيران لم تبن مستوطنات في سوريا ولبنان والعراق… والضفة والقطاع، واليمن!).

‏▪️خطاب الجولاني تجسيد نموذجي للرواية الصهيونية، وتبريرات أميركا و”إسرائيل” لجرائم الاحتلال والتوسع ونهب ثرواتنا واغتصاب حقوقنا، وتعطيل المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية. القضية الفلسطينية التي لم يعد من مدافع عنها الا ايران والمحور الذي تدعمه…

‏▪️كل ما سبق من مفارقات وتزوير في منتهى الخطورة. لكن المذلة الكبرى هي دور البيك في هذه المسخرة: يا له من مشهد مثير للشفقة! زعيم سياسي لبناني مخضرم ومثقف ومُحنَّك، مُلِمٌ بالصراعات الجيوستراتيجبة، مثل ⁧‫وليد جنبلاط‬⁩. شوفوا كيف قاعد عم يسمع متل التلميذ الشاطر ترّهات هذا التكفيري، التحريفي، الفتنوي، الأمّي…

 

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

أربعة عشر − تسعة =