من اوسلو/1993 الى بيروت/2002 الى القاهرة/2025: حل الدولتين والعودة الواحدة .. منذ أوسلو/1993 وقبلها بعقود وعقود و”المساكين اليهود” يَتَوسَّلون، ويُوَسِّطون .. فنعرض ويقبلون، ولا ينفذون .. فنعود لنرجوهم فيتعالون! / الياس فاخوري

الياس فاخوري ( الأردن ) – الثلاثاء 11/3/2025 م …




من اوسلو/1993 الى بيروت/2002 الى القاهرة/2025: حل الدولتين والعودة الواحدة .. منذ أوسلو/1993 وقبلها بعقود وعقود و”المساكين اليهود” يَتَوسَّلون، ويُوَسِّطون .. فنعرض ويقبلون، ولا ينفذون .. فنعود لنرجوهم فيتعالون!
من اوسلو/1993 (ياسر عرفات/شمعون بيريز) في عهد الرئيس بيل كلينتون الى قمة بيروت/2002 التي أطلقت المبادرة العربية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش وفريقه المتغوِّل (ديك تشيني، دونالد رامسفيلد، كوندوليزا رايس، بول وولفوويتز، ريتشارد بيرل ودوغلاس فايث)، وبوجود أرييل شارون على رأس الحكومة في “اسرائيل”، لينعى المبادرة بدباباته التي اقتحمت مخيم جنين، بعد سويعات من إعلانها .. اما قمة القاهرة/2025، التي خرجت بالخطة المصرية، فقد عُقدت في عهد دونالد ترامب وفريقه من اصحاب الأدمغة المتعسفة الظلماء (جيمس ديفيد فانس، ماركو روبيو، بيت هيغسيث ومايك والتز)، وبوجود بنيامين نتنياهو رئيساً لحكومة  “اسرائيل”، ليصف بيان لوزارة الخارجية الخطة بأنها “مغرقة في وجهات نظر عفا عليها الزمن”، مع رفض الاعتماد على السلطة الفلسطينية، وبقاء “حماس” في غزة .. كما اتهم البيان الدول العربية باستخدام الفلسطينيين “بيادق” ضدّها طيلة 77 عاماً، وجدّد دعم “اسرائيل” لمقترح الرئيس ترامب الرامي لترحيل الفلسطينيين إلى الأردن ومصر ودول أخرى؟!

منذ عام 1948 – وأمام أعيننا وقممنا العادية منها والطارئة – وفلسطين فريسة الاحتلال والاغتصاب “الاسرائيلي” الذي لم يُوَفِّر سيناء او غزة او الضفة الغربية او الجولان وأجزاء اخرى من سوريا، كما من لبنان (واذكروا دائماً ال 10,452 كم²!)  .. وفي وجوههنا وعلى مرأى من العالم اجمع، رفعوا خارطتهم التوراتية التي تلتهم كامل أو بعض أجزاء من دول عربية .. وها هي “إسرائيل” ما انفكَّت تعتدي وتحتلّ، وتتمدَّد، وتهدّد، وتكشف – بكل عنجهية – عن خططها التوسعية! وكان الكونت فولك برنادوت (الدبلوماسي السويدي ووسيط الأمم المتحدة في فلسطين) مثلاً (أكرر مثلاً) قد وثَّق انتهاك القوات “الإسرائيلية” للهدنة وتدمير وتهجير سكان القرى الفلسطينية قسريًا من جنوب حيفا إلى جنين في أواخر يوليو تموز العام 1948، قبل ان تقوم العصابات الصهيونية بقتله في القدس في السابع عشر من سبتمبر أيلول العام 1948!

وكنت قد استعرت من زيلينسكي بعض ما خَلُصَت اليه تجربته ان “المتغطي بالأمريكان عريان” كما جاهر بذلك – وَإِنْ متأخرا – الرئيس حسني مبارك، وفعلها كُثرٌ من حلفاء أمريكا قبله وبعده .. وهذا مشهد افتراس الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الأوكراني خيرُ شاهد ان “حلفاء” امريكا إن هُمُ الا مجرد عبيد في نظرها .. واياً كانت القرابين التي يقدمها ال”حليف” على المذبح الأميركي، فإن مصيره هو مصير زيلينسكي – حفل شواء على الهواء .. وهذا ما تؤكده العودة الى ما فعله الأميركيون بحلفائهم، قبل أعدائهم، منذ مؤتمر يالطا (1945) وحتى يومنا هذا!
 
وهنا استعيد بعضاً من مقال سابق للكاتبة العربية الاردنية ديانا فاخوري بعنوان:
 
“مكتوب: ليس بالمفاوضات (وحدها) تحيا فلسطين .. بل بكل طلقة تخرج من فوهة بندقية .. بنادق الثوار، رجال الله في الميدان!”
هذا زمن لا بد ان يعيدنا للزعيم أنطون سعاده (1925/5/1) وصديقه الرزين ليلاقي بلفور حتفه في سوريا، ويستحيل نفطنا خنجرا من لهب ونار .. يقول الزعيم:
 
“بعد الاجتماع الذي أتينا على ذكره جمعتنا الظروف بصديق آخر رزين هادئ يفكر في الأمور ملياً قبل إعطاء حكمه وكان مدار كلامنا بلفور وزيارته لسوريا، قال الصديق أن بلفور كان يجب أن يلاقي في سوريا حتفه (إذ لا يخيف اليهود شيء مثل الموت).
 
أجل، لا يخيف أصحاب الحركة الصهيونية التهويل من بعيد والجعجعة بل الشيء الحقيقي الذي يخيفهم هو الموت، ولو وجد في سوريا رجل فدائي يضحي بنفسه في سبيل وطنه ويقتل بلفور لكانت تغيرت القضية السورية من الوجهة الصهيونية تغيراً مدهشاً، فإن الصهيونيين عندما يرون أن واعدهم بفلسطين قد لقي حتفه يعلمون أنهم يواجهون ثورة حقيقية على أعمالهم غير المشروعة ويوقنون أن سوريا مستعدة للمحافظة على كل شبر من أرضها بكل ما لها من القوى وما لديها من الأسلحة العصرية والقديمة.
 
إن المعارك التي حدثت بين السوريين والصهيونيين في أول مايو من سنة 1922 في حيفا وأماكن أخرى من فلسطين وقتل فيها عدد غير قليل من اليهود لم تكن بلا تأثير، بل أدت إلى نتائج هامة وألقت على الصهيونيين عظات بليغات، كان من ورائها أن عائلات كثيرة تركت فلسطين وعائلات كثيرة رجعت عن عزمها على استيطان تلك البقعة السورية أما احتجاجات السوريين على وعد بلفور أثناء زيارته لسوريا فلم تأت بنصف التأثير الذي أتت به حوادث سنة 1922.”
 
 
ولأن التاريخ لا يتقن النسيان، فلنذكر كيف استعاد الأردنيون اراضيهم في جلعاد/ البلقاء ووادي جرش حيث أقام اليهود ثلاث مستوطنات وحاولوا شراء المزيد من الاراضي نحو أحلام ظنّوها مستدامة باستقدام ألمزيد من اليهود وباستدعاء بعض الأساطير التوراتية عام 1870 .. اما الاردنيون فعقدوا العزم على المقاومة وإلاطاحة بالاستيطان الصهيوني فكان اجتماع القبائل الأردنية في صيف عام 1876 برئاسة الشيخ مفلح عبيدات “أبو كايد” واجماعهم على المقاومة وطرد اليهود الصهاينة .. وعليه هاجم الأردنيون من رجال الله في الميدان المستعمرات اليهودية الثلاث بما تيسّر من أسلحة خفيفة ثم أحرقوها تطهيرا للمكان وتنقية له من الدنس الذي أصابه. عندها وبالاستناد لمنطق القوة والمقاومة و”طوال القنا” هذا، قام رجالات العشائر هؤلاء بتحذير الصدر العثماني الأعظم من هجرة اليهود إلى ألمنطقة او استملاكهم للأراضي فيها! 
 

وللتاريخ أيضاً، لا بد من إليا أبو ماضي و”خطب فلسطين”:

 
“يريد اليهود بأن يصلبوها وتأبى فلسطين أن تذعنا//
وتأبى المروءة في أهلها وتأبى السيوف وتأبى القنا//
 
 
ألا ليت بلفور أعطاكم بلاداً له لا بلاداً لنا//
فلندن أرحب من “قدسنا” وأنتم أحب إلى “لندنا”//
 
 
فليست فلسطين أرضاً مشاعاً فتعطى لمن شاء أن يسكنا//
فإن تطلبوها بسمر القنا نردكم بطوال القنا//
وإن تهجروها فذلك أولى فإن فلسطين ملك لنا//
وكانت لأجدادنا قبلنا وتبقى لأحفادنا بعدنا//

 
 
نصحناكم فارعووا وانبذوا بليفور ذلك الأرعنا//
فإنّا سنجعل من أرضها لنا وطناً ولكم مدفنا”//
 
أجل، والتاريخ يشهد، لم ولا ولن يحترم “الاسرائيليون” اتفاقات التطبيع ولا تعنيهم المفاوضات .. لا يخيف أصحاب الحركة الصهيونية التهويل من بعيد والجعجعة .. الشيء الحقيقي الذي يخيفهم هو الموت!
 
قالتها ديانا فاخوري منذ نيف وعقد من الزمان: “اسرائيل” الى زوال – كما على ثرى فلسطين،  كذلك في السماء: لا اسرائيل التوراتية، ولا اسرائيل الكبرى او الكبيرة، ولا اسرائيل العظمى او العظيمة، ولا “يهودا والسامرة”، ولا 78% من فلسطين التاريخية .. ولا “اسرائيل” المقدسة ولا امريكا المقدسة .. والمقاومة هم شعب الله المختار .. وهم اصحاب القرار على ارضهم .. فلتقبل دولة الكيان بإعلان “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة على 46 % من مساحة فلسطين التاريخية بعاصمتها القدس الشريف على أساس حل الدولتين والعودة الواحدة تنفيذاً للقرارين الأمميين 181 و194 (وهما شرط قبول عضوية “اسرائيل” في الأمم المتحدة أصلاً) .. وعليه، لا تتعدى مساحة دولة الكيان (”اسرائيل الصغرى”) 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2 — وإلّا، فالحل بالعودتين والدولة الواحدة!
 
باختصار أُكرر، هو حل الدولتين والعودة الواحدة (تكتيكياً)، وحل العودتين والدولة الواحدة (استراتيجياً)!
 
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين ..
نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
 
 
الياس فاخوري
كاتب عربي أردني

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

16 − أربعة =