كيف نواجه (وعد بلفور 2)؟ / حسين الرواشدة

 




حسين الرواشدة ( الأردن ) – الأحد 6/4/2025 م …

ما فعلته إسرائيل حتى الآن، وما تسعى لتحقيقه في المرحلة القادمة، ينصب باتجاه تهيئة الظروف الموضوعية لتنفيذ (وعد بلفور 2) الذي سيطلقه ترامب قبل نهاية العام الحالي، عنوان هذا الوعد نزع صفة الاحتلال عن إسرائيل، تتويجا لانتصارها في 7 أكتوبر، ثم اعتبارها كدولة يهودية (الأمر الناهي) في المنطقة، هذا يعني تصفية القضية الفلسطينية سياسياً وقانونياً، وإتمام عملية ضم الأراضي وترحيل أزمة السكان من الداخل الإسرائيلي إلى الخارج، ثم فرض خيار الحكم الذاتي لإدارة الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطقهم المعزولة.

‏نزع صفة الاحتلال عن إسرائيل ليس مفاجئاً، فقد سبقه قرارات عديدة متدرجة في عهد ترامب تحديدا، منها نزع صفة الاحتلال عن الجولان ( آذار 2019 )، ونزع صفة العنصرية (تموز 2023 )، ونزع صفة اللجوء عن الفلسطينيين بتصفية الأونروا، ومنها نزع صفة الأراضي المتنازع عليها وتسميتها الأراضي المسيطر عليها، عند الإشارة إلى الأراضي المحتلة في فلسطين، ناهيك عن بنود صفقة القرن الأولى ومدلولاتها السياسية، هذا يعني بوضوح أننا أمام نكبة ثالثة عنوانها تهويد فلسطين بالكامل، وشطب كل ما يتعلق بقضيتها، وفرض هذا الواقع الجديد على المنطقة، وعلى العالم أيضاً.

‏في سياق ذلك، ومن أجل تمريره، سنشهد، في تقديري، المزيد من التطورات والمفاجآت والتحولات (حرب القيامة: أدق ) في المرحلة القادمة، بروفة غزة سيتم نقلها إلى الضفة الفلسطينية، ترويض حزب الله في لبنان سيمتد إلى ترويض أو تحجيم أو تفكيك شبكة تنظيمات «الإسلام السياسي «، سواء كانت سنية أو شيعية، في الحكم كما هو الحال في سوريا واليمن، أو على هامشه كما هو الحال في العراق وغيره، سيتم، أيضا، تحييد إيران ؛ سواء بضربة عسكرية أو بثورة داخلية أو بإعلان الاستسلام السياسي للشروط التي قدمها ترامب، كما سيتم إضعاف تركيا ودفعها إلى الانكفاء للداخل، ثم تجريدها من أي دور في المنطقة.

‏هذا ما يفكر به ترامب، وما تريده إسرائيل، لا أحد -للأسف- يستطيع أن يواجه هذا المشروع الكبير وحده، كما أن إمكانية تبلور مشروع عربي وإسلامي، او تكتل دولي مضاد غير وارد حتى الآن، كل من ينفرد بإعلان الصدام مع وعد ترامب أو يقف أمام ?بلدوزر ? نتنياهو سيتذكر ما حدث في غزة، هذه ليست وصفة للاستسلام والقبول بالواقع، ولكنها مجرد وصف للواقع الراهن، أو تقدير موقف عام حسب موازين القوى الماثلة للعيان، ما يعني أن أقطارنا العربية ستكون أمام خيارين، الأول : خيار المواجهة بما أمكن من مناورات سياسية، أو انحناءات مدروسة أمام العاصفة، أو صفقات للتكيف مع استحقاقات القادم ولو مؤقتا، الخيار الثاني: المغامرة، سواء بالدخول في الحرب دون تخطيط واستعداد، او الاستسلام التام دون أي مقاومة.

‏في بلدنا، يبدو سؤال كيف ننجو؟ مشروعا وضروريا، الإجابة عنه تحتاج إلى الخروج، أولا، من كل الرهانات والتقدير ات والاعتبارات التي اعتمدناها في المرحلة الماضية، نحن أمام واقع جديد انقلبت فيه التحالفات والعلاقات والحسابات، لابد أن نفهم ذلك، وان نعترف به،ثم أن نفكر بهدوء وعقلانية واتزان بحدود الأردن ومصالحه العليا ومستقبله، نستطيع أن ندفع أي فاتورة داخل هذه الحدود ودفاعا عنها، لكننا في هذه الظروف التي نعرف ما تحمله من أخطار لا نستطيع، منفردين، أن ندفع أي فاتورة أخرى، واجب إدارات الدولة (لم أعد أعوّل على نخب المجتمع) أن تصارح الأردنيين بذلك، وأن توحدهم على خطاب واضح، وموقف موحد، وبوصلة محددة، لا يُسمح لأي طرف أن يحرفها لأي اتجاه آخر.

قد يعجبك ايضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ثمانية عشر − 3 =